كتاب طبقات النحويين واللغويين

الحال وهو نكرة، و"إيَّا" مع ما بعدها مما إليه معرفة، والحال لا تكون إلا نكرة، فبطل "إياها" ولم يكن إلا "هي" وهو خبر الابتداء، وخبر الابتداء يكون معرفة ونكرة، والحال لا تكون إلا نكرة، وكيف تقع "إياها" وهي معرفة موضعَ ما لا يكون إلا نكرة وهو موضع الرفع!
ويقول أصحاب سيبويه: الأعرابُ الذين شهدوا الكسائي من أعراب الحُطَمة الذين كانوا يقوم بهم الكسائي ويأخذ عنهم.
قال: وروى هذه الحكاية الأوارجِيُّ الكاتب بأتمَّ من هذا، وأنا مجتلبُها على حسب ما روى. قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن رستَم الطبري قال: حدثني أبو عثمان المازنيُّ قال: حدَّثني أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش: أن أبا بشْر عمرو بن عثمان بن قَنْبَر سيبويه لما قدِم على أبي عليٍّ يحيى بن خالد بن بَرْمك سأله عن خَبَره والحال التي وردَ لها. فقال: جئتُ لتجمعَ بيني وبين الكِسائيِّ. فقال له: لا تفعل؛ فإنه شيخ مدينة السلام وقارئُها، ومُؤدِّبُ ولد أمير المؤمنين، وكلُّ مَن في المِصْر له ومعه. فأبى إلا أن يَجمع بينهما، فعرَّف الرشيد خبرَه، فأمر بالجمْع بينهما، فوعده بيوم، فلما كان ذلك اليوم غدا إلى دار الرشيد، فوجد الفرَّاء، والأحمر، وهشام بن معاوية، ومحمد بن سَعْدان قد سبقوه، فسأله الأحمرُ عن مئة مسألة فأجابه عنها، فما أجابه بجواب إلا قال: أخطأتَ يا بصريُّ. فوجَم لذلك سيبويه. ووافى الكسائي ومعه خَلْق من العرب، فلما جَلس قال له: يا بصريُّ، كيف تقول: "خرجتُ فإذا زيدٌ قائمٌ"؟ فقال: "خرجتُ فإذا زيدٌ قائمٌ". فقال له: أيجوز: "فإذا زيدٌ قائمًا"؟ فقال: لا. فقال الكسائي: هذه العرب على باب أمير المؤمنين، وقد حضرتْ فتُسألُ. فقال: سَلْها. فقال لهم الكسائيُّ: كيف تقولون: "قد كنت أَحْسِب أنَّ العقربَ أشدُّ لَسعةً من الزُّنبور، فإذا الزُّنبور إيَّاها بعينها"؟ فقالت طائفة: "فإذا الزُّنبور هِي". وقالت أخرى: "إيَّاها بعينها". فقال: هذا خلافُ ما تقول يا بصريُّ. فقال: أمَّا عربُ بلدنا فلا تعرف إلا "هو

الصفحة 69