كتاب الكتيبة الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة

(76آ) ومن الغراميات التي سلك فيها مسلك قيس ليلى (1) :
متى يتلاقى شائق ومشوق ... ويصبح عاني الحب وهو طليق
أما إنها أمنية عز نيلها ... ومرمى لعمري في الرجاء سحيق
ولكنني خادعت قلبي تعلة ... أخاف انصداع القلب فهو رقيق
وقد يرزق الإنسان من بعد يأسه ... وروض الربى بعد الذبول يروق
تباعدت لما زادني القرب لوعة ... لعل فؤادي من جواه يفيق
ورمت شفاء الداء بالداء مثله ... فإني بأن لا أشتفي (2) لحقيق
وتالله ما للصب في الحب راحة ... على كل حال إنه لمشوق
أيا رب قد ضاقت علي (3) مذاهبي ... فها أنا في بحر الغرام غريق
ولا سلوة ترجى ولا الصبر ممكن ... وليس إلى وصل الحبيب طريق
ولا الحب عن تعذيب قلبي ينثني ... ولا القلب للتعذيب منه يطيق
شجون يضيق الصدر عن زفراتها ... وشوق نطاق الصبر عنه يضيق
نثرت عقود الدمع ثم نظمتها ... قريضاً فذا در وذاك عقيق
بكيت أسى حتى بكت لي حسدي ... كأن عدوي صار وهو صديق
ولو أن عند الناس بعض محبتي ... لما كان يلفى في الأنام مفيق
أيا عين كفي الدمع ما بقي الكرى ... إذا منعوك اليوم سوف تذوق
ويا غائباً عن ناظري أما يرى ... لشمسك من بعد الغروب شروق
رويدك رفقاً بالفؤاد فإنه ... عليك وإن عذبته لشفيق
__________
(1) القصيدة في الإحاطة 2: 188.
(2) بان لا أشفتي: سقطت من ج.
(3) ك: مذاهب، وفي الإحاطة: مسالكي.

الصفحة 225