كتاب الكتيبة الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة

نقضت عهودي ظالماً بعد عقودها ... إلا إن عهدي كيف كنت وثيق
كتمتك (1) حباً يعلم الله مدة ... وبين ضلوعي من هواك حريق
فما زلت بي حتى افتضحت فإن أكن ... صبوت فبعد اليوم لست أطيق (76ب) ومن قصيدة غرامية قوله:
خليلي إن الحب أعيا اكتتامه ... فهذا لسان الدمع بالسر ناطق
أيا رب حتى دمع عيني ينم بي ... وحتى منامي مذ هويت مفارق
وكنت أظن القلب يقوى على الأسى ... فها هو لما جد أمري (2) زاهق
إذا حانني قلبي ونومي وناظري ... فوالله ما أدري بمن أنا واثق
أقلا ملامي في الهوى لا بليتما ... فإن الهوى عن سمعي اللوم عائق
أبيت وندماني شجوني، وقهوتي ... دموعي، وما غير الدموع موافق
يشوقني ساري النسيم إذا سرى ... ألا كل آت منهم لي شائق
لقد أنكروني إذ مررت بربعهم ... وظنوا ظنوناً خالفتها الحقائق
رأوا جسدي من تحت ثوبي ناحلاً ... كما رق حد السيق والغمد رائق
يقولون ما هذا الخبال الذي به ... وما بي خبال غير أني عاشق
وقالوا ادعى فينا المحبة كاذباً ... أما وذمام الحب أني لصادق
وما باله يشتاق من ليس شيقاً ... إليه ويهوى وفق من لا يوافق
يزيد خضوعاً حين يزداد عزة ... لبئس الفتى هذا وبئس الخلائق
فمهما لحظنا ليس تحمي سوابغ ... ومهما طلبنا ليس تنجي سوابق
وكم من محب مات فينا صبابة ... وهذا الفتى لا شك بالقوم لاحق
__________
(1) د: حي وكذلك في الإحاطة.
(2) د ج: اثري.

الصفحة 226