كتاب الكتيبة الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة
82 -؟ الكاتب الرئيس أبو اسحق إبراهيم بن محمد الساحلي
الأنصاري (1) ، رحمه الله تعالى:
جواب الآفاق، ومحالف الرفاق، ومنفق سعر الشعر كل النفاق، رفع للأدب راية لا تحجم، وأصبح نسيج وحده فيما يسدي ويلحم، ولما آنس بكساد سوقه، من بعد بسوقه، ولألؤ نسوقه، واستواء بيانه على سوقه، ارتحل، وبأثمد ملك السودان اكتحل، وفي تلك البلاد الموحشة رجل، حل بها محل الخمر في القار، من بعد الاعتصار، والنور من سواد الأبصار، وتقيد بالإحسان، وإن كان غريب الوجه واليد واللسان، فما أشبهه بالشمس شهرة وتجوالا، وعروضاً وأطوالا، وميلاً واعتدالا، وبرهاناً على من آثر جدالا، وحساباً مضروباً، وأفولا في العين الحمئة وغروباً. ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا اسمه، لوضح في المصنفات رسمه، وتوفر من المزية قسمه. وأما (80آ) نظمه ونثره فالشمس، تجل أن يدركها اللمس؛ عين أدب هذا الفاضل فراره (2) ، وحسب هذا المهند الفاصل غراره. فمن قوله:
تألق نجدياً فحيا وسلما ... وناجى جفوني فاستهلت له دما
يرق ويخفى مثل جسمي كأنه ... حذا حذوه في السقم حتى تعلما
__________
(1) ترجم له ابن الخطيب أيضاً في عائد الصلة والتاج والإحاطة 1: 337 ترجمة ضافية؛ وانظر مسالك الأبصار 11: 516 والنفح 3: 410.
(2) من المثل، إن الجواد عينه فراره.