كتاب الكتيبة الكامنة في من لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة

جلادته، ورحم الإجادة أخلقتها كثرة ولادته، وكان ممن جمع بين البديهة والإصابة، وبرز في الخط بين العصابة، فأصبح فرداً بين أترابه، وفذا في أغرابه، وله آداب عذبة الشمائل، سائمة بزهر الرياض وظلال الخمائل. كتب بباب السلطان جواداً سابقاً، وطبقاً لشن تلك الشؤون مطابقاً، إلى أن أخلقت لجدة، وانتهت (1) للأيام العدة، فانقاد للحمام المواقع الهجوم، وغرب غروب النجوم. ومن شعره وكثيره مطول، وللإجادة مخول، فمن ذلك ما خاطبني به في شأن بنت ماتت لي:
يا من له شيم رقت نواسمها ... هي المواهب والرحمن قاسمها
حازت بفضلك أسنى الحظ أندلس ... فأنت قطب معاليها وعالمها
إن الوزارة من علياك رافلة ... في حلة قد أجاد الوشي راقمها
وللكتابة فخر إذ ترسلها ... فأنت ناثرها الأعلى وناظمها
كأن لفظك في القرطاس زهر ربى ... بكى بها القطر فافترت مباسمها
(84ب) سمت بطورك فوق الشهب منزلة ... فوق المنازل رب العرش عاصمها
نفس شريفة أعمال (2) مجوهرة ... للعلو صاعدة، والقدس عالمها
إني لمجدك بالتقصير معترف ... على الفروض التي ترعى لوازمها
فافسح مجال اعترافي حين اشرحه ... لك السجايا التي تسمو مكارمها
وعن مغيبي لما صنت جوهرة ... من اللآلئ بطن الأرض كاتمها
فما علمت بميقات حضرت به ... ورحمة الله قد سحت غمائمها
__________
(1) د: وانتهب.
(2) في أصل ك: فجوهرة.

الصفحة 246