كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 43)

وغرة دهره خص من محل العلم بأرفعه وأعلاه وقسم له من الفهم أجزل الحظ وأوفاه حتى أدركه من سبقه يتقدم زمانه ويبرز على من عاصره من شيوخه وأقرانه وأما عبد الغني بن سعيد فيه تبصر وغرف من بحره استقى واغترف سمعت أبا نصر محمد بن سعيد المؤدب الشيباني المعروف بابن الفرج يقول قلت لأبي بكر الخطيب عند لقائي إياه أنت الشيخ الحافظ أبو بكر فقال انتهى الحفظ إلى أبي الحسن الدارقطني أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك أنا وأبو الحسن بن سعيد نا أبو بكر الخطيب (1) حدثني الأزهري قال رأيت محمد بن أبي الفوارس قد سأل أبا الحسن الدارقطني عن علة حديث أو اسم فيه فأجابه ثم قال له يا أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيري قال (2) وسمعت القاضي أبا الطيب الطبري يقول حضرت أبا الحسن الدارقطني وقد قرأت عليه الأحاديث التي جمعها في الوضوء من مس الذكر فقال لو كان أحمد بن حنبل حاضرا لاستفاد من هذه الأحاديث قال (3) وسألت البرقاني قلت له هل كان أبو الحسن الدارقطني يملي عليك العلل من حفظه فقال نعم ثم شرح لي قصة جمع العلل فقال كان أبو منصور ابن الكرخي يريد أن يصنف (4) مسندا معللا فكان يدفع أصوله إلى الدارقطني يعلم له على الأحاديث المعللة ثم يدفعها أبو منصور إلى الوراقين فينقلون كل حديث منها في رقعة فإذا أردت تعليق كلام الدارقطني على الأحاديث نظر فيها أبو الحسن ثم أملى علي الكلام من حفظه فيقول حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود الحديث الفلاني اتفق فلان وفلان على روايته وخالفهما فلان ويذكر جميع ما في ذلك الحديث فأكتب كلامه في رقعة مفردة وكنت أقول له لم تنظر قبل إملائك الكلام في الأحاديث فقال أتذكر ما في حفظي بنظري ثم مات أبو منصور والعلل
_________
(1) تاريخ بغداد 12 / 39 وسير أعلام النبلاء 16 / 454
(2) القائل أبو بكر الخطيب والخبر رواه في تاريخ بغداد 12 / 38
(3) تاريخ بغداد 12 / 37
(4) إعجامها مضطرب بالأصل والمثبت عن تاريخ بغداد

الصفحة 102