كتاب ضعيف سنن الترمذي

فإن قيل: ينافي ما ذكرته ما جاء في ترجمة الامام الترمذي في " تهذيب التهذيب ": " وقال منصور الخالدي: قال أبو عيسى: صنفت هذا الكتاب - يعني المسند الصحيح - فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان، فرضوا به ".
فأقول: كلا، وبيان ذلك من وجوه: الاول: أن قوله: " يعني المسند الصحيح " ظاهر أنه ليس من الترمذي نفسه، وإنما هو تفسير من الراوي، ولعله منصور الخالدي، وإذا كان كذلك فلا قيمة له.
لانه في أحسن أحواله يكون قوله مثل قول الحاكم والخطيب وقد رده ابن كثير كما سبق، هذا لو كان الخالدي ثقة مثلهما، فكيف به وهو هالك، كما يأتي بيان ذلك.
الثاني: أن سياق " التهذيب " مخالف لسياق " التذكرة " و " سير أعلام النبلاء "، فإنه فيهما بلفظ: " يعني (الجامع) "، لم يقل: " المسند الصحيح "، وقوله: " المسند " شذوذ آخر، لان " المسند " ليس مرتبا على الابواب الفقهية كما هو معروف في اصطلاح المحدثين.
الثالث: أنه لا يصح نسبة هذا القول إلى الترمذي.
ولو فرض أنه منه، لسببين اثنين: الاول: أن الراوي له عنه متهم، وهو منصور بن عبد الله أبو علي الخالدي، وقد اتفقوا على توهين أمره، وهذا ما وقفت عليه من أقوالهم: 1 - قال الخطيب في " تاريخ بغداد " (13 / 84 - 85) : " حدث عن جماعة
135 - باب ما جاء في الصلاة بعد العصر 27 - 184 حدثنا قتيبة.
حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر، لانه أتاه مال، فشغله عن الركعتين بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم لم يعد لهما.
(ضعيف الاسناد، وقوله: " ثم لم يعد لهما " منكر) .
وفي الباب عن عائشة، وأم سلمة، وميمونة، وأبي موسى.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن.
وقد روى غير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلى بعد العصر ركعتين.
وهذا خلاف ما روي عنه: أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس.
وحديث ابن عباس أصح حيث قال: لم يعد لهما.
وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس.
وقد روي عن عائشة في هذا الباب روايات: روي عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين.
وروي عنها، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس.
والذي اجتمع عليه أكثر أهل العلم: على كراهية الصلاة بعد العصر، حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح، حتى تطلع الشمس، إلا ما استثني من ذلك، مثل الصلاة بمكة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس بعد الطواف.
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك.

الصفحة 19