107 ...
ودونه إلى مكة مسجد عائشة بينه وبين التنعيم ميلان (1).
وبعد: فقد وصلنا الآن إلى نهاية المرحلة الأولى من مجرى العقيق، والذي سميته ((العقيق الأقصى)) تمييزاً له عن العقيق ((الأدنى)) الذي يجاور المدينة ويلاصقها.
وقد عرجت على كل معلم من معالمه على طول مجراه، أو مما يقترب من مجراه وخصصت بالذكر، معالم التاريخ والشعر، مما يعطي دلالة تاريخية أو اجتماعية أو حضارية، فهذا هو هدفنا، أما الاستقصاء فهو من اهداف الجغرافيين.
وعند القراءة السريعة لما عرفت به من المعالم، نجد أن العمران كان ممتداًعلى ضفتي وادي العقيق، من أسفله في ذي الحليفة إلى أعلاه عند النقيع، وكان عمرانها في الاسلام اكثر من عمرانها في الجاهلية، مما يدل على تأثير المد الاسلامي على الفكر وعلى الارض، فكما أحيا الاسلام العقول، وجعلها تنتج الفكر المثمر، فكذلك أثر على عمران الارض وجعلها عامرة بالخيرات، كافية سكانها بأذن الله، ثم بما يبذلونه من العمل لاستخراج كنوزها واستدرار خيراتها.
والعزيمة القوية المسلحة بالايمان، جعلت أولئك الأجداد، ينتشرون في الأرض وينصبون في طلب الرزق، ويجمعون من المال ما جعلهم يعيشون في بحبوحة رغم ضعف ما بأيديهم من الآلات، وبطء مراكبهم من المواصلات.
وعندما نقرأ تاريخ من عمروا هذه الأرض نحس كأن الأرض قد ...
__________
(1) التنعيم: موضع بمكة في الحل سمي بذلك لأن جبلاً عن يمينه يقال له: نعيم وآخر عن شماله يقال له: ناعم والوادي نعمان، ومنه يحرم المكيون بالعمرة قال محمد بن عبد الله النميري:
فلم تر عيني مثل سرب رأيته خرجن من التنعيم معتمرات
تضوع مسكاً بطن نعما أن مشت به زينب في نسوة عطرات