كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

131 ...
والشعرفي العرصات كثير، وسيأتي طرف منه عند الحديث عن ((العقيق والشعر)) في فصل قادم.
قال ياقوت: وبنو إسحق العرصي، منسوبون إلى العرصة.
وهو إسحق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (1).
وبعد أن قرأت تاريخ العقيق، وقصص قصوره وسكانه، كنت اذهب إلى تلك المرابع استنشق عبير العقيق في القرن الأول الهجري فتغيب عن عيني شواخص العقيق الحديثة، وطرقه المعبدة، وارى امامي قصور تلك العصور وأرقب مجالس أهلها عن كثب، فأشعر بجمال الحياة، وعز المجد واذكر ما قاله المؤرخون ((وكانت في العرصة قصور مشيدة، ومناظر رائعة، وآبار عذبة، وحدائق ملتفة فخربت ودثرت على طول الزمان وتكرر الحدثان، ولم يبق اليوم _ القرن 8 _ 10 هـ _ فيها إلا آثار و آبار، وبقايا ابنية متهدمة تدل على ارتفاع الديار، ولكن تجد النفس برؤيتها أنساً، لايكاد البنان يصفه، ويشاهد من مناظرها روحاً لايكاد اللسان ينعته، فهو كما قال حبيب بن أوس (أبو تمام):
ماربع مية معموراً يطيف به غيلان أبهى ربا من ربعها الخرب (2)
ولا الخدود وإن أُدمين من نظر أشهى إلى ناظر من خدها الترب
وبعد أن يستيقظ الأنسان من حلمه العقيقي، ينتابه الأنقباض وتطيف به الأحزان، ويحاول أن يقوم من مقامه فلا تحمله قدماه، ويتمني لو إن شقا ًفي الأرض يبتلعه وهو في مكانه حتى لايرى غير ما رآه في طيف خياله. ولكن الأمل الباسم قد أهلّ على النفوس وجاء (مع اطلالة ...
__________
= الغليظة. والبحرة: الهبطة يستنقع فيها الماء. ومعنى الروضة هنا أنسب للمقام.
(1) انظر ((تهذيب التهذيب)) جـ /238/ 1.
(2) ميّة: صاحبة الشاعر غيلان، وهو غيلان بن عقبة الشاعر المشهور ((ذو الرمة)) وقد عشق ميّة المنقرية وأشتهر بها. توفي سنة 117 هـ والبيتان من قصيدة أبي تمام ((فتح عمورية)).

الصفحة 131