كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

134 ...
رواية اخرى: ((نعم القليب قليب المزني)) (1).
وقد جمع العلماء بين الروايات فقالوا: إن البئر قديمة جاهلية، كانت قد ارتطمت فجاء قوم من مزينة، فقاموا عليها واصلحوها (2)، وكانت رومة امرأة منهم، فتسمت البئر باسمها، أو باسم الوادي الذي يجاورها، ثم امتلكها فيما بعد الرجل الغفاري، وجاء الإسلام وهي مملوكة لهم.
فإذا قيل بئر رومة الغفاري: يقصد به: صاحب بئر رومة الغفاري فالغفاري وصف لـ: صاحب.
ويبقى اسم ((رومة)) اسماً للبئر، وليس للرجل الغفاري .. وإذا قيل: قليب المزني: تكون منسوبة إلى من حفرها بعد ارتطامها.
ويبقى الجمع بين هذه الروايات وبين الرواية التي تقول: إن بئر رومة كانت لليهودي.
وفيها نقول: إذا صحت هذه الرواية فقد تكون البئر مملوكة لليهودي والغفاري، فاشترى عثمان أولاً حصة الغفاري وأطلقها للناس يشربون منها، فلما رأى اليهودي أن الناس لم يأتوا لشراء الماء في يومه، باع النصف الآخر، لعثمان رضي الله عنه، فأصبحت للمسلمين كاملة.
أما حديث البخاري الذي يقول: ((من حفر بئر رومة، فله الجنة فحفرتها)): المقصود به: التوسعة والتعميق لتأتي بماء أكثر.
والله أعلم (3).
...
__________
(1) رواه ابن شبة جـ 154/ 1.
(2) أنساب الأشراف جـ 536/ 1.
(3) إن اسم البئر ومكانها متفق عليهما عند المؤرخين ولكن الاختلاف حاصل في مالك البئر هل هو مزني أو غفاري؟ وهل كان أحدهما يملك البئر كلها، أو كان يملك يهودي نصفها؟ وأكثر الرواة على أنها مملوكة لأحد العربيين، أما البخاري فلم يذكر المالك. وأما البغوي فقال: وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة. وأما رواية ابن سعد فتقول: نظر رسول الله إلى رومة وكانت لرجل من مزينة يسقي عليها بأجر فقال: فقال: نعم صدقة المسلم هذه، من رجل يبتاعها من المزني؟ ((وفي رواية: مرّ رسول الله يوماً ببئر المزني وله خيمة إلي جنبها .. )) وفي إحدى روايات ابن شبة ((نعم القليب قليب المزني.
أما امتلاك اليهودي كل البئر أو نصفها فهي أقل الروايات شهرة)).

الصفحة 134