كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

136 ...
في دلائهم وله بها شرب في الجنة))؟ فأتى عثمان اليهودي، فساومه بها، فأبى أن يبيعها كلها، فأشترى عثمان نصفها، باثني عشر ألف درهم فجعله للمسلمين، واتفقا أن يكون له يوم ولليهودي يوم.
فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهمم يومين، فلما رأى اليهودي ذلك قال: أفسدت عليّ ركيّتي، فاشتر النصف الآخر، فاشتراه عثمان بثمانية الآف درهم (1).
وقد ذكرها المؤرخون من جملة الآبار التي كان النبي يستعذب ماءها (2).
وذكر ابن هشام في السيرة النبوية عند حديثه عن غزوة الأحزاب وتحديد الأمكنة فقال: ((ولما فرغ رسول الله من الخندق، أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف والزغابة، وخرج رسول الله والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع فضرب هناك عسكره، والخندق بينه وبين القوم)) (3).
وعندما حوصر عثمان رضي الله عنه في داره، كانت بئر رومة من الأعمال التي استشفع بها عند المحاصرين والناقدين، بذكر سوابقه (4) إلى الخير .. فقال للناس: أنشدكم بالله .. تعلمون أن رسول الله قال: من حفر بئر رومة فله الجنة فحفرتها .. الحديث (5).
...
__________
(1) المصدر السابق عن أبي عمر بن عبد البر .. و ((تاريخ المدينة)) لابن شبة جـ153/ 1. وكون العلة في حث الرسول على شرائها أن ماء البئر كان يباع على المسلمين، ثابت بالروايات الصحيحة. ففي سنن النسائي أن عثمان قال: ((أنشد بالله رجلاً شهد رومة تباع فاشتريتها)) وعند الترمذي ((لم يكن يشرب منها إلا بثمن .. )) وفي رواية البغوي: وكان صاحبها يبيع القربة منها بعد، فقال له النبي تبيعنيها بعين في الجنة؟ ..
(2) أنساب الأشراف للبلاذري جـ 536.
(3) سيرة الرسول لابن هشام جـ /230/ 3.
(4) كان ذلك سنة 35 هـ في السنة الأخيرة من خلافته، حيث قدم عليه الخارجون من مصر والعراق ودخلوا عليه داره، وقتلوه مظلوماً شهيداً رحمه الله.
(5) قوله: فحفرتها: والمعروف أنه اشتراها. قال الحافظ ابن حجر: في الجمع بين اشتراها وحفرها ((هناك رواية)) وكان لرجل من بني غفار عين يقال لها ((رومة)). وإذا كانت أولاً =

الصفحة 136