كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

137 ...
وفي رواية: لما حوصر عثمان أرسل إلى عمار بن ياسر يطلب أن يدخل عليه روايا الماء، فأبى عليه الناس ذلك، فقال عمار: سبحان الله، اشترى عثمان هذه البئر _ يعني رومة _ بكذا، وكذا ألفا فتصدق بها على الناس، وهؤلاء يمنعونه أن يشرب منها (1).
قال ابن النجار المتوفى سنة 643 هـ: وهذه البئر اليوم بعيدة عن المدينة جداً في براح واسع من الأرض وطي، وعندها بناء من حجارة خراب، وحولها مزارع وابآر، وأرضها رملة.
وقد انتقضت خرزتها وأعلامها إلا أنها بئر مليحة جداً، مبنية بالحجارة الموجهة، وذرعتها فكان طولها ثمانية عشر ذراعاً منها ذراعان ماء، وباقيها مطموم بالرمل الذي تسفيه الرياح، وعرضها ثمانية أذرع، وماؤها صاف وطعمه حاو إلا أن الأجون (2) غلب عليه.
وقال: وأعلم أن هذه الآبار قد يزيد ماؤها في بعض الأزمان عما ذكرنا وقد ينقص وربما بني منها ما كان مطموماً.
وقال المطري المتوفى سنة (741 هـ) وقد خربت هذه البئر _ يعني رومة _ ونقضت حجارتها وأخذت وانطمت ولم يبقى اليوم منها إلا أثرها.
فقال المراغي المتوفى سنة (816 هـ) وينبغي أن يعلم أنها جددت بعد ذلك ورفع بنيانها عن الأرض نحو قامة.
ونزحت فكثر ماؤها ولله الحمد.
أحياها كذلك القاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن المحب ...
__________
= عيناً، فلا مانع أن يحفر فيها عثمان بئرا. ولعل العين تجري الى بئر فوسعها أو طواها، فنسب حفرها إليه.
(1) انظر روايات هذا الخبر في تاريخ المدينة لابن شبة جـ 152/ 1 ((وإذا صح هذا الخبر فإنه يبطل ما تدعيه كتب التاريخ من أن عمارا كان يحرض الناس على عثمان. ومنع الناس عثمان من شرب الماء ثابت بالحديث الذي رواه النسائي في كتاب الأحباس حيث قال عثمان للناس المحاضرين: ((وأنتم اليوم تمنعوني من الشرب منها .. أي من بئر رومة)).
(2) الأجون: من أجن الماء أجونا، إذا تغير لونه وطعمه.

الصفحة 137