159 ...
على أنه سيأتي، ما يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم، أقطع بلال بن الحارث كل العقيق، بعيده وقريبه، وأن الذي أقطعه عمر الناس هو الأدنى من المدينة، وهو المنقسم إلى كبير وصغير.
وكلام الزبير وغيره صريح في ذلك.
والصواب: أن مهبط الثنية المعروفة ((بالمدرج)) أول شاطىء وادي العقيق، على ميلين من المدينة أيام عمارتها.
كما اقتضاه اختباري لمسافة ما بين المسجد النبوي ومسجد ذي الحليفة، وبه صرح الأسدي (1) من المتقدمين، فقال: إن العقيق على ميلين من المدينة.
الميل الأول: خلف أبيات المدينة، والثاني حين ينحدر من العقبة في آخره، يعني المدرج.
وكأن من عبر بالثلاثة، اعتبر المسافة من المسجد النبوي، إلى أول بطن الوادي، بعد القصر المعروف _ بحصن أبي هشام _ ومن عبّر بالستة، اعتبرها إلى طرفه الأبعد، وهو الذي به ذو الحليفة، فأدخل بطن الوادي في المسافة، أو هو متفرع على القول: بأن الميل: ألفا ذراع.
والراجح الموافق لاختبارنا أنه ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع (2).
وقال المطري: وادي العقيق أصل مسيله من النقيع، قبلي المدينة ...
__________
(1) محمد بن أحمد الأسدي: من أهل القرن الثالث الهجري قال الشيخ حمد الجاسر: أن السمهودي ينقل من كتاب ((المناسك)) الذي نشره الجاسر، وهو لإبراهيم بن إسحق الحربي البغدادي المتوفي سنة 285 هـ.
قال: ويظهر أن السمهودي اطلع على نسخة من هذا الكتاب، من رواتها هذا الذي دعاه الأسدي.
(2) الميل: مسافة من الأرض ليس لها حد معلوم.
وقيل: قدر منتهى مد البصر.
والميل: منار يبنى للمسافر في أنشاز الأرض.
وكل ثلاثة أميال تساوي فرسخاً.
والفرسخ حوالي (8 كم) وعلى هذا يكون الميل (2666 متر) والذراع تساوي حوالي (70سم) فيكون الميل (3808 ذراع) وهو قريب مما قال السمهودي.
ومن المقاييس القديمة (البريد) وهو يساوي (28 كم) تقريباً.