كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

295 ...
دورانه في الشواهد التي يتخذها المؤلفون دليلاً على انهماك أهل المدينة في الغناء واللهو .. أو على كثرة الغناء في العصر الأموي.
فقد شاع على ألسنة المؤرخين في عصرنا أن الإمام مالك رضي الله عنه كان في صباه يتبع المغنين، وكاد أن يصبح مغنياً لولا أن أمه صرفته عن هذا الاتجاه إلى الفقه، ونقل الاستاذ أحمد أمين في كتابه ((فجر الإسلام)) نصاً عن الأغاني يفيد هذا المعنى، مستدلاً به على كثرة الغناء في المدينة إبان العصر الأموي (1)، حيث ولد الإمام مالك في بداية العقد الأخير من القرن الأول، وكان قد بلغ سن الكهولة عندما انتهى العصر الأموي.
وقد رجعت إلى أصل الخبر في كتاب الأغاني لأبي الفرج - وكان أول من رواه - فوجدته كما يلي (2):
أخبرني محمد بن عمرو العتابي قال: حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدثني إسحاق بن محمد بن أبان الكوفي قال: حدثني حسين بن دحمان الأشقر قال: كنت بالمدينة، فخلا لي الطريق وسط النهار، فجعلت أتغنى:
ما بال أهلك يا رباب خزرا كأنهم غضاب (3)
قال: فإذا خوخة (4) قد فتحت، وإذا وجه قد بدا، تتبعه لحية حمراء، فقال: يا فاسق، أسأت التأدية، ومنعت القائلة، وأذعت الفاحشة، ثم اندفع يغنيه، فظننت أن طويساً قد نشر بعينه، فقلت له: ...
__________
(1) انظر ((فجر الإسلام)) ص 177 لأحمد أمين.
(2) الأغاني جـ 222/ 4 ترجمة المغني طويس.
(3) الشعر منسوب إلى علس ذي جدن الحميري، من ملوك حمير في الجاهلية ولقب: ذا جدن - لحسن صوته. ومعنى قوله ((خزرا)) جمع أخزر الذي ينظر بلحظ عينه.
(4) الخوخة: الباب الصغير.

الصفحة 295