كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

299 ...
1 - إن أهل المدينة - الأوس والخزرج - كان في طبعهم الرقة والظرف، ولم يكن في طبعهم جفاوة وغلظة، فكانوا يستحسنوت الفكاهة الطريفة والنكتة اللطيفة، ويميلون إلى عذب الكلام، وكان الغناء معروفاً لديهم في الجاهلية، وكانوا يتخذون القيان.
وعندما دخل النابغة الذبياني المدينة وأحسوا بالأقواء في شعره، لم يروا من اللياقة مواجهته به، فكلفوا قينة تغني له في شعره بطريقة تظهر له فيها ماكان يرتكبه من إقواء (1)، فتنبه إلى ذلك بنفسه.
وقد عرف الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الطبع في أهل المدينة، فيروى عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت جارية من الأنصار في حجري فزففتها، فدخل رسول الله ولم يسمع غناء، فقال: أهديتم الفتاة إلى بعلها؟ قلت: نعم.
قال: فبعثتم معها من يغني؟ قلت: لم نفعل، فقال: ((يا عائشة أو ما علمتم أن الأنصار قوم يعجبهم الغزل؟)) (2).
...
__________
(1) ((المدينة في العصر الجاهلي)) من (سلسلة دراسات حول المدينة) لمحمد الخطراوي.
(2) أخرجه أحمد 391/ 3. من طريق اسود بن عامر حدثنا أبو بكر عن أجلح عن أبي الزبير عن جابر. ورجاله ثقات وفيه عنعنة أبي الزبير.
وأخرجه ابن ماجه في (النكاح) باب (الغناء والدف) من حديث ابن عباس. وقال البوصيري في (الزوائد) إسناده مختلف فيه من أجل أجلح وأبي الزبير يقولون: إنه لم يسمع من ابن عباس وأثبت أبو حاتم أنه رأى ابن عباس. انظر (تهذيب التهذيب). وانظر (نيل الأوطار) باب (الدف واللهو في النكاح) وفي الباب أحاديث تشهد له.
وانظر الحديث رقم ((2375)) من صحيح البخاري والحديث ((3091)) والحديث رقم 547 من مسند أبي يعلى وكلها عن علي بن أبي طالب قال: أصبت شارفاً (المسن من النوق) في مغنم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني رسول الله شارفاً فأنختهما عند باب رجل من الأنصار أريد أن أحمل عليهما إذخرا أبيعه ومعي رجل صائغ من بني قينقاع (أستعين به على وليمة فاطمة) وحمزة بن عبد المطلب في البيت يشرب ومعه قينة تغنيه (وذلك قبل تحريم الخمر) تقول:
ألا يا حمز للشرف النواء وهن معقلات بالفناء =

الصفحة 299