كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

303 ...
لا يصبح في الباب حديث أبداً)) وقد اختلف في الغناء مع آلة من آلات الملاهي وبدونها، فذهب الجمهور إلى التحريم، وذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر إلى الترخيص في السماع ولو مع العود. واستدلوا بعبد الله بن جعفر الذي كان يسمع على العود، ونقل عن الثقات أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات. ونقل أن مذهب الإمام مالك إباحة الغناء بالمعازف)).
ومن فقهاء المدينة من قال النسيب، منهم عروة بن أذينة .. وقيل له: أتقول الشعر على شرفك؟ فقال: لا بد للمصدور أن ينفث.
ومنهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أحد الفقهاء السبعة.
قال ابن حجر: وكان عالماً فاضلاً مقدماً في الفقه تقياً شاعراً محسناً، ولم يكن بعد الصحابة فقيهٌ أشعر منه، ولا شاعر أفقه منه)) (1).
ولكن الشعر الذي يسمعونه إنشاداً، ويسمعونه غناء كان الشعر الذي لا يخدش الحياء بل يدعو إلى الفضيلة:
كالذي روي أن سعيد بن المسيب سمعه فأُعجب به، حيث سمع منشداً ينشد شعراً وليس غناء (2).
فلم تر عيني مثل سرب رأيته خرجن من التنعيم معتمرات (3)
مررن بفخ ثم رحن عشية يلبين للرحمن مؤتجرات (4) ...
__________
= حديث البخاري الذي رواه في ((باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه)). وانظر الفتح جـ 41/ 10.
(1) ((تهذيب التهذيب)) جـ 24/ 7.
(2) من شعر محمد بن عبد الله الثقفي النميري، كان يهوى زينب بنت يوسف أخت الحجاج، وكان يشبب بها (زهر الآداب جـ 173/ 1).
(3) التنعيم: مكان قرب مكة يحرم المعتمرون منه.
(4) فخ: موضع كان قرب مكة دفن فيه عبد الله بن عمر، ثم وصل العمران إليه، فأصبح من مكة.

الصفحة 303