كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

314 ...
بعد اختبار، فمن فاز فيه سكن إليها، ومن أخفق طردته من أفيائها، لأنها لاتضم إلا المجتهدين.
وإذا كانت أرض العقيق قد هجرت بعد العصر الأموي، فلم يكن ذلك لنضوب معين العيش فيها .. فكم من أرض خصبة، لو زرعت لأجادت، ولكنها مهجورة.
لقد وجدت أسباب جعلت الناس يهجرون أرض العقيق.
ومن هذه الأسباب:
1 - قد تكون قلة عدد السكان بعد كثرتهم، حيث هجر المدينة عدد كبير من الناس لظروف اقتصادية أو سياسية أو أمنية.
فأصبح العدد الباقي تكفيه الأراضي القريبة من المدينة والتي لاتحتاج إلى مزيد من الجهد والنفقة.
2 - وقد يكون السبب انعدام الأمن في المنطقة لضعف السلطان فلا يجرؤ الناس على الانفراد بالسكن.
والدليل على فقدان الأمن أنه أصبح للمدينة سور وله أبواب تقفل عند كل مساء خوفاً من اللصوص وأهل الغزو، وفي مثل هذه الحال يتجمع الناس في أماكن متقاربة.
ولذلك قال السمهودي: ولما طرق المدينة الشريفة الخراب من أطرافها، جعلوا لها سوراً.
ويسجل التاريخ وجود أول سور للمدينة في منتصف القرن الرابع الهجري في خلافة الطائع لله بن المطيع لله (1).
3 - واحياناً الفقر الشديد يؤدي إلى العجز الشديد عن إعمار الأرض.
لأن خدمة الأرض لاتحتاج إلى اليد العاملة فقط، وإنما تحتاج إلى الدابة التي تحمل صاحب الزرع وينقل عليها محصوله، وتحتاج إلى من يساعد صاحب الأرض في الحرث والسقي واستخراج الماء من الابار وهذه الأشياء تحتاج إلى مال ولو كان قليلاً، فالقليل غير موجود.
ونحن نعرف أن العيشة الضنك قد وصلت إلى درك الفاقة، وكان ...
__________
(1) انظر - من هذا الكتاب. ((العقيق في العصر العباسي)).

الصفحة 314