كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

316 ...
الناس قبل العهد السعودي بقرون متعددة تعيش كثرتهم على الصدقة وما يحصلون عليه من عملهم في خدمة الحجاج.
ولا شك أن هذه الحال تدعو إلى الكسل، وتخلق أجيالاً من الناس يميلون إلى التواكل ويرضون بالقليل الذي يحفظ عليهم رمقهم، وتصبح حالهم حال المستعطين الذين اتخذوا السؤال مهنة تدر عليهم المال دون جهد.
وقد لاحظت الدول في العصر الحديث هذه الظاهرة وأولتها الاهتمام وقدمت لها العلاج.
فكل دولة توزع أرضاً زراعية على مواطنيها وتمدهم بالآلة والبذور والمعونة حتى يستطيعوا خدمة الأرض وإنبات الزرع.
فإذا اشتد عود المزارع، وجنى المحصول، وحصل على الربح، ذاق حلاوة طعم العمل، وعندها يؤمن أدوات الزراعة اللازمة لحاجة الأرض في المستقبل، وهكذا تبقى الأرض في عمران مستمر.
شواهد تاريخية على إخصاب أرض العقيق:
رأينا فيما سبق أن إمكانيات الزرع والعيش في العقيق، موجودة في طبيعة الأرض والشواهد من التاريخ تدل على هذا: عندما أقطع الرسول عليه الصلاة والسلام، العقيق لبلال بن الحارث، لم يكن ليقطعه له، لو لم يكن أرضاً تدر الخير على مالكها.
وعندما استرجع عمر بن الخطاب العقيق من بلال بن الحارث وأقطعه الناس، لأن بلالاً لم يحيي الأرض، ولم يستغل ما فيها من الخيرات، فشعر عمر بحاجة الناس إليها فأخذها عمر وأقطعها الناس لأنه لم يقو على إحيائها.
وعندما حمى الرسول عليه الصلاة والسلام حمى النقيع، لأن في أرضه مرتعاً خصباً للافراس والمواشي، ويذكر لنا التاريخ أن آلافاً من الخيل في عهد عمر، كانت مرصودة للجهاد وكانت ترعى في حمى النقيع وغيره من الأحماء، وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: ((حمى النقيع ...

الصفحة 316