كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

327 ...
وتفتحت أعينهم وهم يرون علماء المدينة ومؤرخيها، يفتشون عن آثار المدينة ويحيون ذكر ما اندثر منها، ويقدمون لها وصفاً جميلاً، يبين الأسباب التي جعلت الشعراء القدماء يفتتنون بها.
ويقولون فيها أجمل الأشعار، فانطلق أبناء المدينة في مسارح الذكريات، وعايشوا أهل هاتيك البقاع وعادوا وهم يتغنون بأعذب الألحان.
وعندما نؤرخ للشعر المدني في العصر الحديث، فإن وادي العقيق يعتبر عنصراً مهماً من عناصر فهم الدوافع التي أدت إلى الإثراء في العطاء حيث كانت الندوات الأدبية الأولى تعقد على ضفاف العقيق واتخذت اسم ((ندوة أسرة الوادي المبارك)) وتشير الدلائل إلى أن أكثر اجتماعات الندوة كانت في ضواحي العقيق، قبل أن يصبح مقرها النادي الأدبي.
واختتم كلامي عن العقيق في العصر الحديث، بأبيات لمؤرخ المدينة والمنقب عن آثارها، ومن كان أول من جلى وادي العقيق أمام الناظرين في العصر الحديث.
وهو المرحوم الأستاذ عبد القدوس الأنصاري، يقول في وصف وادي العقيق يوم انهماره سنة 1940 م (1)
هذا العقيق وقد هما متبسما طلق المحيا شادياً بسروره
وتراه في لآلائه متدفقاً ينساب بين سهوله ووعوره
تتكسر الأمواج فوق صخوره فتئن من تأثيره وعبوره
وتهب من جنباته نسماته فتفوح عطراً منعشاً بعبيره
وتحفه أشجاره مزدانة بنوارها المفتر من تأثيره
حراته السوداء أشرق وجهها وتهللت بقدومه ومروره
اللون يحكي التبر في لمعانه وصفاء صفحته ونقش سطوره
والشاعر المدني حسن مصطفى صيرفي تفوح من شعره أشذاء ...
__________
(1) ((الشعر الحديث في الحجاز)) تأليف المرحوم الأستاذ عبد الرحيم أبو بكر ص 166.

الصفحة 327