كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

48 ...
عشيرته، استعوى كلباً لخاصة به، وأوقف له من يسمع منتهى صوته، فحيث بلغ صوته حماه من كل ناحية، فلم يرعه معه أحد، وكان شريكاً في سائر المواقع حوله.
قال الشافعي: فُنهي أن يُحمى الحمى على الناس كما كان في الجاهلية.
وقوله: إلا لله، ولرسوله فأضاف الحمى لله، ولرسوله: أي ما يحمى للخيل التي تُرصد للجهاد، والإبل التي يُحمل عليها في سبيل الله، وإبل الزكاة، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، والعمران، وعثمان رضي الله عنهم.
ويذكر الشعراء ((الحمى)) في أشعارهم، وكل شاعر يقصد حمى بعينه في دياره .. وفي بلاد العرب أحماء كثيرة (1).
ومقصدنا هنا الحمى الذي يضاف إلى النقيع، فيقال: ((حمى النقيع)) وفي الكلام عن النقيع وحماه فروع.
...
__________
= كما كان يبغيها كليب بظلمه من العز حتى طاح وهو قتيلها على وائل إذ يترك الكلب نابحاً وإذ يمنع الأفناء منها حلولها قال ابن حجر في فتح الباري: ((قال الشافعي: يحتمل معنى الحديث شيئين: أحدهما: ليس لأحد أن يحمي للمسلمين إلا ما حماه النبي صلى الله عليه وسلم.
والآخر: معناه: إلا على مثل ما حماه عليه النبي. فعلى الأول: ليس لأحد من الولاة بعده أن يحمي وعلى الثاني: يختص الحمى بمن قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الخليفة الخاصة. وأخذ أصحاب الشافعي من هذا أن له في المسألة قولين، والراجح عندهم الثاني. والمراد بالحمى: منع الرعي في أرض مخصوصة من المباحات، فيجعلها الإمام مخصوصة برعي بهائم الصدقة مثلاً)).
أما حمى الجاهلية: فهو مخصوص برئيس القبيلة، وقول العباس بن مرداس: ((وإذ يمنع الأفناء)) الأفناء: بالفاء: ورجل من أفناء القبائل: أي: لايدري من أي قبيلة هو. وقيل يقال: قوم من أفناء القبائل، ولا يقال: رجل، وليس للأفناء واحد (اللسان). والعباس بن مرداس السلمي: شاعر مخضرم، صحابي، شهد فتح مكة، وتوفي سنة 18 هـ. وقيل: إن الخنساء الشاعرة المشهورة أمُه (الإصابة / 4511/ والشعر والشعراء جـ 1/ 218).
(1) انظر: معجم البلدان (الحمى).

الصفحة 48