كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

52 ...
وفي رواية أخرى عن ابن زبالة، عن الزبير بن بكار عن محمد بن هيضم المزني: عن أبيه قال: دعا رسول الله أبي فقال: إني مستعملك على هذا الوادي _ النقيع _ فمن جاءك من هاهنا وهاهنا فامنعه، فقال: إني رجل ليس لي إلا بنات، وليس معي أحد يعاونني، فقال: إن الله سيرزقك ولداً، ويجعل لك أولياء _ قال فعمل عليه، وكان له بعد ذلك ولد، فلم يزل الولاة يولون عليه (1) والياً، منذ عهد رسول الله، يستعمله والي المدينة حتى كان داود بن عيسى (2) فتركه سنة ثمان وتسعين ومائة. وإنما تركه داود لأن الناس جلوا عنه للخوف ذلك الزمان فلم يبق فيه أحد يستعمله عليه (3). وقال البكري: ثم أُبيحت الأحماد أيام المهدي، فلم يحمها أحد.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح في المسجد، بأعلى عسيب_ وهو جبل بأعلى قاع النقيع.
ثم أمر رجلاً صيتاً، فصاح بأعلى صوته فكان مدى صوته بريداً، وهو أربع فراسخ، فجعل ذلك حمى طوله بريد، وعرضه الميل، وفي بعضه أقل (4).
وحمى النقيع الذي حماه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم عمر بن الخطاب، هو الذي يضاف إليه في الحديث ((غرز)) فيقال: غرزُ النقيع (5) _ وهو يختلف عن ((نقيع الخضمات (6) الذي حماه عمر بن الخطاب، ...
__________
(1) الإصابة، باب الكنى رقم 1203.
(2) داود بن عيسى: أحد ولاة المدينة في عهد بني العباس، وقضاتها وربما كان في عهد المأمون العباسي (انظر أخبار القضاة لوكيع ص 256 ((وفي أمراء المدينة)) للخياري أن الرشيد ولاه سنة 193 هـ).
(3) ((وفاء الوفاء)) النقيع وهو تاريخ قريب من تاريخ بناء سور المدينة حيث كثرت الغارة انظر ص 194 من هذا الكتاب.
(4) ((أبو علي الهجري)) لحمد الجاسر نقلاً عن البكري ص 285، و ((الأحكام السلطانية)) 185.
(5) الغرز، بالزاي الأخيرة المعجمة، وفتح الأول والثاني: نبات ترعاه الماشية (اللسان).
(6) الخضمات: بفتح أوله وكسر ثانيه، جمع خضمة، وهي الماشية التي تخضم، والخضم

الصفحة 52