كتاب أخبار الوادي المبارك العقيق

90 ...
يا موقد النار بالعلياء من إضم أوقد فقد هجت شوقاً غير منصرم (1)
يا موقد النار أوقدها فإن لها سناً يهيج فؤاد العاشق السدم (2)
نار أضاء سناها إذ تشب لنا سعدية دلها يشفي من السقم
ولائم لامني فيها فقلت له قد شف جسمي الذي ألقى بها ودمي
فما طربت لشجو كنت تأمله ولا تأملت تلك الدار من أمم
ليست لياليك من خاخ بعائدة كما عهدت ولا أيام ذي سلم (3)
وقصة الأبيات تقول: غنى معبد (4) في هذه الأبيات وشاع الشعر في المدينة. وانشد لسكينة بنت الحسين قول الشاعر في خاخ. فقالت: قد أكثر الشعراء في خاخ ووصفه. لا والله ماانتهي حتى انظر اليه، فبعثت إلى غلامها ((فند)) فحملته على بغلة، والبسته ثياب الخز، وقالت: امض بنا نقف على خاخ. فمضى بها، فلما رأته قالت: ماهو إلا ما أرى؟. قال: ما هو إلا هذا. فقالت: والله لا اريم حتى أوتى بمن يهجوه فجعلوا يتذاكرون شاعراً قريباً لكي يرسلوا اليه، إلى أن قال ((فند)) والله أنا أهجوه، قالت: أنت؟ قال: أنا، قالت: قل: فقال: خاخ خاخ خاخ أخ ...
ثم تفل عليه كأنه يتنخع، فقالت: هجوته ورب الكعبة، لك البغلة وما عليك من الثياب (5).
...
__________
(1) إضم: واد يسمى عند المدينة ((قناة)) وقال الهجري: اول إضم مجتمع الأسيال وإياه عنى الأحوص بقوله: ياموقد النار .. وسمي إضم، لانضمام السيول إليه.
(2) عاشق سدم: شديد العشق.
(3) ذو سلم: بالتحريك: موضع بالحجاز، له ذكر في طريق الهجرة النبوية ويكثر الشعراء من الحنين إليه في شعر المديح النبوي، وقال البوصيري:
أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم
(4) معبد بن وهب: كان مولى لبني مخزوم، ونشأ في المدينة يرعى الغنم واشتغل بالتجارة، ثم أصبح مغنياً، رحل إلى الشام، ومات في عسكر الوليد بن يزيد سنة 126 هـ. (الأعلام للزركلي).
(5) ((شعر الأحوص)) تحقيق عادل جمال ص 72. قال المحقق، عندما وصل إلى قوله =

الصفحة 90