وكان ذلك محل الابتلاء والفتنة كما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} (¬8) وقد راضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من هذه الفتنة بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح المتفق عليه من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: "إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والجسم فلينظر إلى من دونه في المال والجسم" (¬9) ولما روى الترمذي من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "إياك ومجالسة الأغنياء" (¬10) قال: هو نحو ما روى عن أبي
¬__________
(¬8) سورة الفرقان الآية: 20.
(¬9) أخرجه البخاري (6490/ فتح)، ومسلم (2963)، وأحمد (2/ 243)، وأبو يعلى (6261)، والبغوي (4100) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً، واللفظ لأبي يعلي والبغوي.
أما لفظ البخاري ومسلم وأحمد (إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه).
(¬10) إسناده ضعيف جداً:
أخرجه الترمذي (1780) من طريق سعيد بن محمد الوراق وأبي يحيى الحماني قالا: حدثنا صالح بن حسان عن عروة عن عائشة قالت قال لي: إذا أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب وإياك ومجالسة الأغنياء.
وقد ضعفه الترمذي بقوله: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان -قال- وسمعت محمدًا -يعني البخاري- يقول صالح بن حسان منكر الحديث ا. هـ.
وإسناده ضعيف جداً فيه علل:
الأولى: سعيد بن محمد الوراق، ضعيف، ضعفه ابن معين وأبو داود.
الثانية: أبو يحيى الحماني: هو عبد الحميد بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطئ كما في التقريب.
الثالثة: صالح بن حسان، قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك.
والحديث أخرجه أيضاً الحاكم (4/ 312)، وابن سعد في الطبقات (8/ 52)، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (376)، والبيهقي في شعب الإِيمان (5/ 6181)، والبغوي في شرح =