كتاب التوسط والاقتصاد (اسم الجزء: 1)

وابن عبد البر (¬1) وغيرهم. بل أصبح هذا مما يميزهم عن أهل البدع.
كما أنَّه من المقطوعِ به عندهم أنَّ من الأقوالِ والأعمالِ ما هو كفرٌ أكبر يُخرج من الملة، وقد حكى غيرُ واحدٍ الإجماع على أنَّ سبَّ اللهِ ورسولِه كفرٌ مخرج من الملة، ومن هؤلاء: الإمام إسحاق بن راهوية ومحمد بن سحنون (¬2) وغيرهما. فظنَّ بعض الناس أنَّ الكفرَ العمليَّ لا يخرج صاحبه من الإسلام وأنَّ سبَّ الله ورسوله مستثنى من ذلك (¬3) ،
وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة. بل حكى غيرُ واحدٍ الإجماع على أنَّ الكفرَ يكون
¬_________
(¬1) قال في التمهيد (9/28) : ((أجمع أهل الفقه والحديث على أنَّ الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا بنيَّة ... ))
(¬2) انظر النقولات عنهم من هذا الكتاب.
(¬3) سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية (2/34) السئوال التالي: ((اعتبارهم تاركَ الصَّلاة كافراً كفراً عملياً والكفر العمليُّ لا يخرِجُ صاحبَه من المِلَّة إلاَّ ما استثنَوْه من سبِّ الله تعالى وما شابهه فهل تارك الصلاة مستثنىً وما وجه الاستثناء؟
فأجابت: ليس كلُّ كفرٍ عمليٍّ لا يخرج من ملَّة الإسلام، بل بعضه يخرج من ملَّة الإسلام))
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز كما في مجلة الفرقان الكويتية، العدد (94) : ((الذَّبحُ لغيرِ الله، والسُّجود لغير الله،كفرٌ عمليٌّ مُخرجٌ من الملَّة، وهكذا لو صلَّى لغير الله أو سجد لغيره سبحانه، فإنَّه يكفر كفراً عمليَّاً أكبر- والعياذ بالله - وهكذا إذا سبَّ الدِّين، أو سبَّ الرَّسول، أو استهزأ بالله ورسوله، فإنَّ ذلك كفرٌ عمليٌّ أكبر عند جميع أهل السُّنَّة والجماعة))

لذا قال الشيخ حافظ الحكمي في "أعلام السنة النشورة" (ص182) " ((نحن لم نعرِّف الكفر الأصغر بالعمليِّ مطلقاً، بل بالعمليِّ المحض الذي لم يستلزم الاعتقادَ ولم يناقض قولَ القلبِ ولا عملَه))

الصفحة 12