كتاب التوسط والاقتصاد (اسم الجزء: 1)

لا يكفّر تاركه أو فاعله بغير اعتقادٍ أو استحلالٍ أو تكذيبٍ، فهذه لَوْثَةٌ إرجائيَّةٌ حاشاهم منها.
بل كما نقَلَ عنهم المروزيُّ قالوا: ((الأخبار التي جاءت في الإِكْفار بترك الصَّلاة نظير الأخبار التي جاءت في الإِكْفار بسائر الذُّنوب)) فهم نظروا إلى الأدلة التي ظاهرها التَّعارض فجمعوا بينها ورجَّحوا عدم إِكْفار تارك الصَّلاة كتارك الصَّوم والزَّكاة،إلاَّ إذا تركها جُحوداً أو إِباءً أو استنكافاً. ولم يُنْقَل عن أحدٍ منهم أَنَّ الصَّلاة عمل وليست اعتقاداً ولا يكفُرُ تاركَ العمل! كما أَنَّهم لم يعدّوا من يكفِّر تاركها بمثابة الخوارج الَّذين يكفِّرونَ بالذُّنوب، وهذا إقرارٌ منهم أَنَّ تاركّ العمل قد يخرج من الملَّة، لكن لم يترجَّحْ عندهم ذلك في شأْنِ تارك الصَّلاة.
سادساً: هناك من فقهاء المذاهب الذين نقلْتُ عنهم ممَّن كفَّر بالقول أو العمل لكن علَّل ذلك بعباراتٍ لم تُعْهد من السَّلف - تدلُّ على تأثُّرهم بالمرجئة -. كقولهم: هذا الفعل ليس كفراً لكنّه يدلُّ على الكفر، أو علامة على الكفر (¬1) . وكقولهم: لم يكفر بالعمل لكن كَفَرَ للاستخفاف (¬2) ،
أو للتكذيب، أو لعدم
¬_________
(¬1) وقد نسب هذا الرأي الشهرستانيّ لبشر المريسيّ من المرجئة فقال: ((وإلى هذا المذهب ميل ابن الرواندىِّ وبشر المريسيِّ قالا: ((الإيمان هو التَّصديق بالقلب واللسان جميعاً والكفر هو الجحود والإنكار، والسجود للشمس والقمر والصنم ليس بكفر في نفسه ولكنه علامة الكفر)) )) انظر: "الملل والنحل" (1/144) دار المعرفة. ط1404 هـ.
(¬2) وقد نسب هذا الرأي إلى المرجئه، الشهرستانيّ في "الملل" وأبو الحسن

الأشعريّ في "المقالات" وأقره شيخ الإسلام. قال أبو الحسن: (( (الفرقة العاشرة) : من المرجئة أصحاب أبي معاذ التومني ... وكان أبو معاذ يقول: من قتل نبياً = = أو لطمه كفر وليس من أجل اللّطمة كفر ولكن من أجل الاستخفاف والعداوة والبغض له)) انظر: "مجموع الفتاوى" (7/547)

الصفحة 20