كتاب تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب

الشرع بإعفائها؛ كانت قرينة ظاهرة في الدنيا على امتثاله لشرع الله في الظاهر، وحسابه على الله في الآخرة.
والله نسأل أن يجعل سرائرنا أصلح من ظواهرنا، وهو وحده ولي التوفيق.
وأما استدلالهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " فهو حق يراد به باطل، بل هو حجة عليهم لا لهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: " ولكن ينظر إلى قلوبكم " حتى عطف عليها " وأعمالكم " يعني التي تنبثق من تلك القلوب، والتي لا بد أن تكون صالحة موافقة لمرضاة الله عز وجل مرجوًّا بها وجهُه سبحانه (1).
وقد قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (2).
__________
(1) كما أن الحديث يعني أن المعتبر عند الله عز وجل التقوى، قال جل وعلا: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}، وقال سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، والتقوى محلها القلوب، قال - صلى الله عليه وسلم -: " التقوى ههنا " ثلاثًا، وأشار إلى صدره الشريف - صلى الله عليه وسلم -، ويفهم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم " إهدار اعتبار المظاهر الجوفاء، والصور الجميلة، والثياب الرفيعة عند الله جل وعلا، فهذا يوسف عليه السلام يقول: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} ولم يُدِلَّ بحسن صورته، وجمال خلقته، في حين قال سبحانه في المنافقين {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ}، وفي صحيح مسلم: " كانوا رجالًا أجملَ شيء، كأنهم خشب مسندة "، فشبههم بخُشب مسندة إلى الحائط لا يسمعون، ولا يعقلون، أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام، وانظر ص (46 - 51).
(2) الأنفال: (2 - 4).

الصفحة 20