كتاب تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب

ومن مظاهر استعباد " القشور " كثيرًا من المسلمين:
زخرفة المساجد، وإنفاق الأموال الطائلة في تزويقها وتشييداها، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا زخرفتم مساجدَكم، وحلَّيتم مصاحفكم، فالدمار عليكم " (1) وعن أنس رضي الله عنه قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا تقوم الساعة حتى يتباهي الناس في المساجد " (2)، (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما أُمِرْتُ بتشييد المساجد " (3)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: " لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى " (4)).
__________
(1) رواه ابن المبارك في " الزهد " رقم (797) عن أبي الدرداء رضي الله عنه موقوفًا، ورواه الحكيم الترمذي عنه مرفوعًا، وحسنه الألباني في " الصحيحة " رقم (1351).
(2) رواه أبو داود (449)، والنسائي (2/ 32)، وابن ماجه (739)، وابن حبان (3/ 104)، وأحمد (3/ 134)، والدارمي (1/ 326)، والبغوى (2/ 350)، وصححه في " صحيح الجامع " رقم (7421).
قال الصنعاني رحمه الله تعالى: (والحديث من أعلام النبوة، والتباهي إما بالقول بأن يقول واحد: " مسجدي أحسن من مسجد .. " علوًّا وزينة وغير ذلك، أو بالفعل كأن يبالغ كل واحد في تزيين مسجده ورفع بنائه وغير ذلك، وفيه دلالة مفهمة بكراهة ذلك، وأنه من أشراط الساعة، وأن الله لا يحب تشييد المساجد ولا عمارتها إلا بالطاعة) اهـ. من " سبل السلام " (1/ 158).
(3) التشييد: رفع البناء وتطويله، قال المناوي رحمه الله: (أي ما أُمِرْتُ برفع بنائها ليجعل ذريعة إلى الزخرفة والتزيين الذي هو من فعل أهل الكتاب، وفيه نوع توبيخ وتأنيب) اهـ. من " فيض القدير " (5/ 436)، وقال الصنعاني رحمه الله: ( .. ليس المقصود من بناء المساجد إلا أن تُكِنَّ الناس من الحر والبرد، وتزيينها يشغل القلوب عن الخشوع الذي هو روح جسم العبادة) اهـ.، وقال أيضًا: (وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ما أُمِرْتُ " إشعار بأنه لا يحسن ذلك، فإنه لو كان حسنًا لأمره الله به) اهـ. من " السبل " (1/ 265).
(4) رواه أبو داود (448)، والبغوي في " شرح السنة " (3482)، وقال في " تحقيق المشكاة " (719): " سنده صحيح ".

الصفحة 54