كتاب تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب

مثل هذه العبارات الفَجَّة، وأَفْتَوْا بزجره وتأديبه:
فقد سئل سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى: هل يجوز أن يقول المكلف: " إن الشرع قِشرٌ، علم الحقيقة لُبُّه "، أم لا يجوز؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
(لا يجوز التعبير على الشريعة بأنها قشر من كثرة ما فيها من المنافع والخير، وكيف يكون الأمر بالطاعة والِإيمان قشرًا، وأن العلم اللقب بعلم الحقيقة جزء ومن أجزاء علم الشريعة؟! ولا يُطْلِق مثلَ هذه الألقاب إلا ْغَبيٌّ شَقيٌّ قليلُ الأدب! ولو قيل لأحدهم: " إن كلام شيخك قشور "، لأنكر ذلك غاية الِإنكار، وَيُطْلِقُ لفظَ القشور على الشريعة؟!، وليست الشريعة إلا كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فَيُعَزَّرُ هذا الجاهل تعزيرًا يليق بمثل هذا الذنب) (1) اهـ.
وقال الِإمام العلامة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى: ( .. وقولهم: " من أهل القشور " إن أراد به ما الفقهاء عليه من العلم ومعرفة الأحكام؛ فليس من القشور، بل من اللُّبِّ، ومن قال عليه: " إنه من القشور "؛ "استحقَّ الأدب، والشريعة كلُّها لُباب) (2) اهـ.
__________
(1) " فتاوى سلطان العلماء " ص (24، 25) تحقيق مصطفي عاشور - مكتبة القرآن.
(2) ملحق بكتاب "كشف الغطاء عن حكم سماع الغناء" لابن القيم رحمه الله ص (25).
فائدة: تصدى العلماء رحمهم الله في كل عصر لظاهرة التهاون بالهدي الظاهر، مع التشبث بسمت الكافرين، ومن أعظم ما ألف في ذلك: السفر النفيس " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " لشيخ الاسلام ابن تيمية، ومنها: " تشبه الخسيس بأهل الخميس " للحافظ الذهبي، ومنها: " الاستنفار لغزو التشبه بالكفار " للشيخ أحمد بن الصديق، ومنها: " فرانك مقلد لغى " بالتركية حول تحريم التشبه بالكفار للشيخ عاطف اسكلفي وأفتى فيه بتحريم ارتداء القبعة، ولما قام " أتاتورك " =

الصفحة 60