كتاب المحصول لابن العربي

أقوى الْأَقْوَال فِي الدَّلِيل وَلَعَلَّ مَالك رَحمَه الله إِلَيْهِ أَشَارَ وإياه عَنى بالشبه وَعَلِيهِ أَيْضا يدل كثير من مسَائِل أَصْحَاب الشَّافِعِي فليعول على هَذَا القَوْل
الْفَصْل الثَّامِن

اخْتلف النَّاس فِي حكم الْأَعْيَان قبل الشَّرْع
فَمنهمْ من قَالَ إِنَّهَا محظورة بِالْعقلِ وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّهَا مُبَاحَة بِالْعقلِ وَمِنْهُم من قَالَ لَا حكم لَهَا إِلَّا فِي الشَّرْع فَمَا قَامَ من الدَّلِيل قضى بِهِ وَقد كثر القَوْل من النَّاس فِيهَا وَعظم التَّنَازُع بَينهم فِي أدلتها ومعانيها وَالْأَمر فِيهَا قريب جدا لأَنا نقُول إِن كَانَ الْعقل يحكم فِيهَا بالحظر على الْإِطْلَاق لم يجز أَن يرد الشَّرْع بِإِبَاحَة وَإِن كَانَ يحكم فِيهَا بِالْإِبَاحَةِ على الْإِطْلَاق لم يجز أَن يرد الشَّرْع بحظر لِأَن الشَّرْع لَا يجوز أَن يرد بِخِلَاف مُقْتَضى الْعقل فصح أَنه لَا حكم لِلْعَقْلِ فِيهَا بِشَيْء حَتَّى نوعها الشَّرْع قسمَيْنِ حظر وَإِبَاحَة بلَى إِن الْمُقَصِّرِينَ فِي الْعلم يَقُولُونَ فَمَا حكمهَا بعد وُرُود الشَّرْع أحكمها الْحَظْر أم حكمهَا الْإِبَاحَة فَهَذَا سُؤال لَا يصدر إِلَّا عَن غبي وَحكمهَا فِي الشَّرْع بِحَسب وُرُوده الْمَحْظُور مَحْظُور بدليله والمباح بدليله ويستحيل خلو مَسْأَلَة عَن دَلِيل لِأَن ذَلِك إبِْطَال للشَّرْع وتعطيل فَمَا اقْتَضَاهُ الدَّلِيل حكم بِهِ وَالله أعلم
الْفَصْل التَّاسِع فِي تَرْتِيب الْأَدِلَّة

إِذا نزلت نازلة فَلَا يَخْلُو أَن تنزل بمقلد أَو بمجتهد فَإِن كَانَ مُقَلدًا فَسَيَأْتِي حَاله إِن شَاءَ الله وَإِن كَانَ مُجْتَهدا فَعَلَيهِ أَرْبَعَة فروض

الصفحة 134