كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 8)
تقديم الجزء الثامن
بقلم: نجل المؤلف أبي الحسن علي الحسني الندوي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد فقد كان هذا الجزء الأخير الجزء الثامن من كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر
للعلامة السيد عبد الحي الحسني رحمه الله وأثابه، في حاجة إلى إكمال وزيادات، وكان المؤلف
مشغولاً بتسويده وتحريره، ففاجأته المنية، ولم يمهل لإكماله، وكان هذا الجزء يشتمل على خمسمائة
وتسع وخمسين 559 ترجمة، ويبلغ عدد التراجم التي خلف فيها المؤلف بياضاً أو فراغاً، أو مات
أصحاب التراجم بعد وفاة المؤلف 350 ترجمة، وقد تدرج هؤلاء المترجمون في مراتب من النبوغ
والشهرة، والتأليف والإنتاج، أو كان لهم نشاط وجولة في المجال السياسي، وجدت في البلاد أحوال،
ونشأت حركات، وخاض هؤلاء الأعلام معتركها، وتقلدوا قيادتها، فكان لا بد من إكمال هذه التراجم،
وتسجيل حوادث حياتهم، ومآثرهم العلمية والعملية من جديد.
وكان الذين قد شغفوا بهذا الكتاب في الهند وخارجها، يطلبون إصدار هذا الجزء، وكان الإلحاح
يتجدد منهم حيناً بعد حين، وكان صديقنا الفاضل الدكتور عبد المعيد خان مدير دائرة المعارف
العثمانية حالاً يلح علي بالتفرغ لهذا العمل، ولا شيء أحب إلي من تحقيق هذا الغرض، فإن فيه
خدمة للدين والعلم، وللأئمة والبلد، وفوق ذلك كله بر بالوالد ووفاء بحقه، وأداء لأمانته، ولكني بقيت
متهيباً لهذا العمل، مستعظماً له عدة سنين.
أولاً: لأنه عمل شاق عسير تقصر عنه قواي ومواهبي، فإن تلقيح هذا الكتاب بالعبارات الجديدة
والزيادات الحديثة صعب جداً، وذلك لإيجاز المؤلف، ودقته وعبارته المحكمة الرصينة التي لا يسهل
تقليدها، وللالتزامات التي التزمها في تحرير الآراء ووصف المترجم، ومدحه ونقده، والاقتصاد في
ذلك، وعدم إرسال القول على عواهنه.
والثاني: إن هذا الجزء هو أكثر تنوعاً واتساعاً في التراجم من كل عصر مضى، ففيه كبار العلماء
ونوابغ المؤلفين، وشيوخ أجلاء، ومربون وأهل القلوب، ومعلمون كبار، وأصحاب الدرس والتخريج،
ومنهم قادة الفكر الحديث، ورواد حركات ونهضات، يحتدم حولهم الجدال، ويكثر عنهم القيل والقال،
ومنهم: أدباء وشعراء، ومنهم: من خاض المعارك السياسية، واكتوى بنارها وأوارها، وامتزج تاريخه
بتاريخ الهند الديني والسياسي، فلا يمكن الفصل بينهما، وامتدت حوادث حياته على بساط طويل من
الزمان، مفروض بالأشواك، ومنهم: من جمع بين النبوع والسراوة، وتفنن في الفضائل والكمالات،
ومنهم من شذ عن السواد الأعظم من المسلمين، وأسس مذهباً
الصفحة 1159
1508