كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 2)

أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي.
أخذ عنه الشيخ محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي الدفين بكلبركه وقرأ عليه بعض
الكتب الدرسية وأخذ عنه خلق كثير من العلماء، وهو ممن أدركه البرني وذكره في تاريخه.
مولانا تاج الدين العراقي
الشيخ الفاضل الكبير تاج الدين العراقي أحد الأفاضل المشهورين في عصره، تقرب إلى
فيروز شاه الخلجي ثم إلى علاء الدين محمد شاه الخلجي، وكان مير داد في معسكره وهو
عبارة عن الأمير الكبير الذي يحكم على الأمراء، فمن كان له حق على أمير أو كبير بين
يديه، ويرزق على هذه الخطة نحو خمسين ألف دينار في كل سنة.
قال القاضي ضياء الدين البرني في تاريخه: إن تاج الدين كان من عباد الله الصالحين لم يكن
مثله في زمانه في التفنن في الفضائل وفي معرفة أخبار الملوك والمشايخ، وكان صالحاً عفيفاً
ديناً سديداً في الأقوال والأفعال، انتهى.
حرف الجيم
الشيخ جلال الدين التبريزي
الشيخ الإمام الزاهد المعمر جلال الدين التبريزي أحد مشاهير الأولياء،
أخذ الطريقة عن الشيخ بدر الدين أبي سعيد التبريزي ثم سافر بعد وفاته إلى بغداد
وصحب الشيخ الكبير شهاب الدين عمر السهروردي مدة طويلة حتى بلغ رتبة الكمال،
وقدم الهند مرافقاً للشيخ بهاء الدين أبي محمد زكريا الملتاني فأقام ببدايون برهة من الزمان
ثم ارتحل إلى بنكاله، وهو ممن أدركه الشيخ محمد بن بطوطة المغربي الرحالة الذي قدم
الهند عام أربع وأربعين وسبعمائة، فما في خزينة الأصفياء أنه مات في سنة اثنتين وأربعين
وستمائة لا ينبغي أن يعتمد عليه، وأدركه الشيخ ابن بطوطة في جبال كامر- بفتح الكاف
والميم وضم الراء- بلدة بينها وبين سد كانوان مسيرة شهر وهي جبال متسعة متصلة
بالصين وتتصل ببلاد التبت.
قال ابن بطوطة في كتابه: إن هذا الشيخ من كبار الأولياء وأفراد الرجال، له الكرامات
الشهيرة والمآثر العظيمة، وهو من المعمرين، أخبرني أنه أدرك الخليفة المستعصم بالله
العباسي ببغداد وكان بها حين قتله التتر، وأخبرني أصحابه بعد هذه المدة أنه مات ابن
مائة وخمسين وأنه كان نحو أربعين سنة يسرد الصوم ولا يفطر إلا بعد مواصلة عشر، وكانت
له بقرة يفطر على حليبها ويقوم الليل كله، وكان نحيف الجسم طوالاً خفيف العارضين،
وعلى يديه أسلم أهل تلك الجبال ولذلك أقام بينهم، قال: وأخبرني بعض أصحابه أنه
استدعاهم قبل موته بيوم واحد وأوصاهم بتقوى الله وقال لهم: إني أسافر عنكم غداً إن
شاء الله وخليفتي عليكم الله الذي لا إله إلا هو، فلما صلى الظهر من الغد قبضه الله في
آخر سجدة منها، ووجدوا في جانب الغار الذي كان يسكنه قبراً محفوراً عليه الكفن
والحنوط، فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه به، ثم ذكر الشيخ ابن بطوطة كرامات عديدة
له لا نطيل الكلام بذكرها.
وقال أحمد بن يعقوب بن الحسين البتي في خزينة الفوائد إنه كان من أصحاب الشيخ أبي
سعيد التبريزي، ولما توفي أبو سعيد قبل كماله في سلوك رحل إلى الشيخ شهاب الدين
السهروردي فتوفي عنده وتم سلوكه بتربيته وأجازه بالدعوة والإرشاد، انتهى.
ومن فوائده كتابه إلى الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني، قال فيه: يا أخي! من شرب من بحر
مودته يحيى حياة لا موت بعدها، ومن لم يذق من صافي المحبة يخرج من الدنيا كالبهائم صفر
اليدين وإذا مات صار جيفة ومات موتاً لا حياة بعده، كما قال أصدق القائلين ومن كان في
هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً، انتهى.

الصفحة 149