كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

الدين السلطانبوري وجاء معه إلى لاهور فسكن بها، وكان غاية في الفقر
والفناء والزهد والإستقامة على الشريعة، وكان يدرس ويفيد، توفي يوم الجمعة عاشر محرم
سنة ست وستين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.
الشيخ أحمد بن محمد الشيباني
الشيخ العالم الكبير أحمد بن مجد الدين بن تاج الأفاضل الشيباني النارنولي، كان من نسل
الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب الإمام أبي حنيفة، ولد ونشأ ببلدة نارنول، وقرأ
العلم على الشيخ حسين بن خالد الناكوري والشيخ با يزيد بن قيام الدين الأجميري
ولازمهما مدة، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ حسين المذكور وتصدر للتدريس وهو ابن ثماني
عشرة سنة وراح إلى أجمير واعتكف على قبر الشيخ معين الدين حسن السجزي، وأقام
بها نحو اثنتين وسبعين سنة، ولما تسلط رانا سانكا عظيم الهنادك على بلدة أجمير وقتل
المسلمين ونهب أموالهم خرج من تلك البلدة يوم الاثنين سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة،
فرحل إلى نارنول ومكث بها زماناً، ثم سار إلى ناكور ومات بها.
وكان فاضلاً تقياً متورعاً، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يخاف في الله سبحانه
أحداً، وكان يقوم في جوف الليل ويشتغل بالذكر والمراقبة والتهجد ولا يتكلم إلى الضحى،
ثم يشتغل بالدرس ويدرس إلى الظهر، ثم يشتغل بأوراده المرتبة إلى العصر، ثم يدرس ويذاكر
في مدارك التنزيل في التفسير على طريق الوعظ والتذكير، وتغلب عليه الرقة والبكاء
فيتكيف الناس بحالته، وكانت مذاكرة المدارك مأثورة عن مشايخه.
توفي لخمس بقين من صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، ذكره الشيخ عبد الحق في أخبار
الأخيار.
الشيخ أحمد بن محمد النهروالي
الشيخ العالم المحدث أحمد بن محمد بن قاضي خان بن بهاء الدين بن يعقوب ابن إسماعيل
بن علي بن القاسم بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل العدني الخرقاني، أبو العباس علاء
الدين أحمد النهروالي الكجراتي، وهو والد المفتي قطب الدين محمد النهروالي مفتي مكة
المباركة، وليس جده قاضي خان هذا صاحب الفتاوى المشهورة، بل هو من علماء
نهرواله، ولد في سنة سبعين وثمانمائة، وقرأ العلم على عصابة العلوم الفاضلة ببلاده، ثم
سافر إلى الحرمين الشريفين، وأخذ الحديث عن الشيخ عز الدين بن عبد العزيز بن نجم الدين
عمر بن فهد وعن جماعة من أئمة الحديث، وله سند عال لصحيح البخاري أخذه عن
الحافظ نور الدين أبي الفتوح أحمد بن عبد الله الطاؤسي نزيل كجرات، وكان موصوفاً
بالصلاح، سمع من الشيخ يوسف الهروي المشهور بسيصد ساله أي المعمر ثلاثمائة سنة عن
محمد ابن شاد بخت الفرغاني، وكان من المعمرين بسماعه لجميعه عن الشيخ أحد الأبدال
بسمرقند أبي لقمان يحيى بن عمار بن مقبل بن شاهان الختلاني المعمر مائة وثلاث وأربعين
سنة، وقد سمع جميعه عن محمد بن يوسف الفربري عن جامعه محمد بن إسماعيل
البخاري.
والشيخ علاء الدين، كان صالحاً ديناً تقياً متورعاً، سافر إلى مكة المباركة ونزل بها، وكف
بصره في آخر عمره، وإني أظن أنه ولي على مدرسة أحمد شاه الكجراتي بمكة المباركة،
وكان يدرس ويفيد بها، قال ولده المفتي قطب الدين في الإعلام بأعلام بيت الله الحرام: وكان
دأب والدي قبل أن يكف نظره أن يبادر يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة إلى مكة ويجلس في
الحطيم تجاه بيت الله تعالى ويلحظ الطائفين بنظره ويستمر جالساً هناك إلى صلاة المغرب
فيطوف بعد صلاة المغرب ويسعى ويعود إلى منى، وكان يقول: إن أولياء الله لا بد أن
يحجوا كل سنة ويفعلوا الأفضل وهو الإتيان لطواف الزيارة في أول يوم النحر، فأبادر إلى
النزول من منى في ذلك اليوم وأجلس في الحطيم أشاهد الطائفين لعل أن يقع نظري على
أحدهم أو يقع نظره علي فتحصل لي بذلك بركتهم، واستمر على ذلك إلى أن كف بصره،
فكنا نذهب به ونجلسه في الحطيم ويقول: إن كنت لا أراهم فلعل أن يقع نظرهم علي
فتحصل لي بركتهم، فاستمر على ذلك إلى أن توفي رحمه الله تعالى، انتهى.

الصفحة 306