كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

التعصب على أهل الأهواء، يبذل جهده في محق الباطل، وكان لا يتصنع في الزي واللباس،
ويكره صحبة الأراذل ولا يتبع هواه، ويخاف الله سبحانه في أمر الدين والدولة، ويتفقد
الأمور بنفسه، ويجتهد في فهم القضايا جهده، ويأمر وكيله دريا خان أن يجلس بدار العدل
إلى شطر من الليل ومعه القضاة والفقهاء ويستدرك القضية ساعة بعد ساعة ولا يصبر عن
ذلك، وكان يجالس العلماء بعد صلاة الظهر ويذاكرهم، ويقرأ القرآن الكريم، ويدخل في الحرم
فيخلو بنسوته ساعة ثم يخرج ويجلس في قصره، ويحضر لديه العلماء فيذاكرهم إلى نصف
الليل ثم يرجعون إلى بيوتهم فيخلو ويشتغل بأمور الدولة ما شاء، وكان يكتب المناشير
والتواقيع بيده، وينظر في مهمات الدولة نظراً بالغاً جيداً، ويبذل الأموال الطائلة على أهل
الحاجة، ويوظف العلماء، ويجعل الرواتب لأهل الصلاح والأرزاق السنية للأيتام والأرامل،
ويعمر المساجد والمدارس، ويروج العلماء، ويعامل أهل الجند معاملة حسنة، ويحسن إلى
أهل الزروع ويبالغ في تعمير الأرض وتكثير الزراعة وإصلاح الشوارع والطرق، ولا يسامح
البغاة وقطاع السبل، فيؤاخذهم ويعاقبهم أشد العقوبة، وإذ يحشد الجيوش ويبعثها إلى
إحدى جهات الملك يتتبع أخبارهم ويرسل المنشورات إليهم كل يوم مرتين فيهديهم إلى ما
يهمهم.
وكان شديد التصلب في الدين، خرب كنائس كثيرة وأسس المساجد والمدارس والرباطات
مكانها، ومنع كفار الهند من أن يحلقوا رؤوسهم ولحاهم، وأبطل المكوس، وهدم بنيان
البدع والرسوم، وهو أول سلطان أمر كفار الهند أن يتعلموا اللغة الفارسية والكتابة بها،
وأمر العلماء أن ينقلوا العلوم الهندية إلى الفارسية، وجمع الأطباء من خراسان ومن أقصى
بلاد الهند فصنفوا له طب إسكندري، ونقلوا بأمره أمر كرمها ويد من سنسكرت إلى
الفارسية، وصنفوا له كتباً كثيرة.
ومن نوادره أنه لما سار إلى جونبور لدفع فتنة أخيه باربك شاه لقيه قلندر في أثناء المعركة
فأخذ يده وبشره بالفتح، فجذب يده لستكراها من قوله، فتعجب الناس من كراهته فقال:
إذا التقى الجمعان من أهل الإسلام فلا ينبغي لأحد أن يحكم بغلبة طائفة على الأخرى، بل
يدعو لما فيه خير للاسلام، وكان شاعراً مجيد الشعر ماهراً بالموسيقى، ومن شعره قوله:
سروي كه سمن بيرهن وكل بدنش روحي است مجسم كه در بيرهنش
مشك ختني جيشت كه صد مملكت جين در حلقه آن زلف شكن در سكنش
در سوزن مزكان بكشم رشته جانرا تا جاك بدوزم كه در آن بيرهنش
توفي يوم الأحد لسبع خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة.
الشيخ إسماعيل بن أبدال اللاهوري
الشيخ العالم الأجل إسماعيل بن أبدال بن نصر بن محمد بن موسى بن عبد الجبار بن أبي
صالح بن عبد الرزاق بن عبد القادر الشريف الجيلاني اللاهوري، كان من العلماء
المشهورين في عصره، له اليد الطولى في الفقه والأصول والكلام والعربية، قدم دار الملك
دهلي وأقام بها زماناً، ثم ذهب إلى رنتهنبور ومات بها، أخذ عنه الشيخ محمد بن الحسن
الجونبوري والشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي والعلامة جمال الدين اللاهوري
وخلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي سنة أربع وتسعين وتسعمائة، كما في تذكرة الكملاء.
الشيخ إسماعيل بن حسن الناكوري
الشيخ الصالح إسماعيل بن حسن بن سالار الناكوري، أحد المشايخ الجشتية، أخذ عن
أبيه عن جده عن الشيخ اختيار الدين عمر الأيرجي، وأخذ عنه الشيخ خانو بن العلاء
الناكوري، كما في كلزار أبرار.
الشيخ إسماعيل بن عبد الله اللاهوري
الشيخ الصالح الفقيه إسماعيل بن عبد الله بن محمد الشريف الحسني الأجي ثم اللاهوري،
كان من نسل الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولد ونشأ بمدينة أج وأخذ عن أبيه، ثم دخل
لاهور في عهد أكبر شاه

الصفحة 310