كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

مولانا أويس الكواليري
الشيخ الفاضل أويس الكواليري الأصولي الجدلي المناظر الخطيب اللسن الذي ما جاراه
أحد في حلبة المناظرة إلا غلبه لأنه كان عجباً في الحفظ وسرد الروايات، غير مأمون في
النقل، ذكره البدايوني وقال: إنه كان يسرد العبارات الكثيرة من حفظه وينسبها إلى الكتب،
فلما تصفحت تلك الكتب لم توجد فيها، ولذلك الصنيع الشنيع أفحم كبار العلماء في
المناظرات، انتهى.
خواجه أيوب الكشي
الشيخ الفاضل أيوب بن أبي البركة الكشي، كان من أهل بيت العلم والصلاح، قدم الهند
فأكرمه همايون شاه التيموري وزوجه بإحدى بنات الأعزة من أقربائه، فلم يوالفها لأنه كان
مجبولاً على سوء الخلق وقلة مبالاة بالدين، ثم بعد مدة استرخص للحج والزيارة، فهيأ له
همايون شاه الزاد والراحة فسار إلى كجرات وركب الفلك، ثم سأل الناس عن الحج وفائدته
فقالوا: إن الحج مكفر للسيئات الماضية، فلما سمع ذلك نزل وقال: فينبغي لنا أن نتمتع
باللذات ونرتكب السيئات ثم نذهب للحج، فسكن بكجرات، ووظف له بهادر شاه تنكة
الذهب كل يوم، وحكى أن بهادر شاه مر عليه ذات يوم فقال له: كيف الحال؟ فقال إن:
التنكة الموظفة لا توافي خرج عضو واحد، فوظف له تنكتين كل يوم، فأقام بكجرات مدة ثم
سار إلى أحمد نكر، وتقرب إلى برهان شاه، فوظف له وطابت له الإقامة بمدينة أحمد نكر،
وكان شاعراً مجيد الشعر، ذكره أمين بن أحمد الرازي في هفت إقليم، ومن شعره قوله:
ز زلف وخال تو آموختم دقائق عشق زهي مجاز كه مجموعة حقائق بود
حرف الباء
بابر شاه التيموري
الملك المؤيد بابر بن عمر بن أبي سعيد بن ميران شاه بن تيمور التيموري، السلطان ظهير
الدين محمد بابر شاه سلطان الهند، كان مولده في سادس شهر الله المحرم سنة ثمان وثمانين
وثمانمائة فسماه الشيخ الكبير عبيد الله الأحرار بظهير الدين محمد، ولكنه أشتهر في الأتراك
باسمه المشهور بابر شاه.
نشأ في مهد السلطة، وتلقى الفنون الحربية، وكان ذكياً فطناً حاد الذهن، سريع الإدراك،
قوي الحفظ، فتبحر في كثير من الفنون لا سيما الشعر والإنشاء والعروض والألغاز والخط،
وجلس على سرير الملك يوم الثلاثاء الخامس من رمضان سنة تسع وتسعين وثمانمائة في
أندجان من بلاد ما وراء النهر وله اثنتا عشرة سنة، عرض له في تسخير البلاد من
المصائب ما لا يحصيه البيان، ولكنه غلب الشدائد، ووطيء النوائب، وقهر الأعداء،
وسخر البلاد حتى ملك كابل، وزحف على بلاد الهند، وكانت سلطة الهند حينئذ في
غاية من الوهن والاختلال، وكان معه في تلك المعركة اثنا عشر ألفاً من الرجالة والفرسان،
وكان مع خصمه إبراهيم بن إسكندر اللودي ملك الهند مائة ألف من الفرسان وألف فيلة،
فالتقى الجمعان بين باني بت وكرنال، فهزمه بابر وقتل إبراهيم في سلخ جمادى الآخرة سنة
اثنتين وثلاثين وتسعمائة وقتل مع إبراهيم ستة آلاف من الفرسان وهرب الآخرون، فدخل
دهلي وجلس على سرير الملك، ثم ذهب إلى آكره واستقر بها.
وشعر أحد أمراء الهند الوثنيين القدامى بخطر قيام حكومة يحكمها المسلمون الغزاة
الوافدون من الخارج، وإفلات الأمر من يدهم، وهو الأمير رانا سانكا حاكم جتور، وكان
قائداً باسلاً محنكاً فعبا جيشاً فيه ثمانون ألف فارس وخمس مائة جندي، واتفق معه من
الأفغان من كان موتوراً منتصراً للأسرة اللودهية الأفغانية التي انتزع منها بابر الحكم، فتألف
بذلك نحو مائتي ألف محارب، وتوجه الجيش إلى آكره وتوجه بابر بجيشه وهو يتألف من
اثنى عشر ألف جندي، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وتسع مائة للهجرة،
واستقر في موضع يسمى كانوه أو خانوه.
وكان الوهن يدب إلى جيش بابر فقام في الجيش وأعلن توبته عن تعاطي الخمر الذي كان
معتاداً له، واستخلف قادة الجيش على الصمود حتى يقضي الله

الصفحة 314