كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

الأغنياء، والملوك والأمراء كانوا
يحضرون لديه في كل أسبوع بعد صلاة الجمعة، وله مصنفات طارت بها العنقاء، ذكره
الشيخ عبد الحق في أخبار الأخيار وقد عزا إليه هذه الأبيات:
عجباً لقوم ظالمين تلقبوا بالعدل ما فيهم لعمري معرفه
قد جاءهم من حيث لا يدرونه تعطيل ذات الله مع نفي الصفه
رداً على الزمخشري في قوله:
وجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفه
قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فتستروا بالبلكفه
وقد عزا بعض العلماء هذه الأبيات إلى الإمام فخر الدين الجاربردي، وهو ممن اجتمع
بالقاضي البيضاوي وأخذ عنه، والله أعلم، مات سنة ثمان وعشرين وتسعمائة.
شاه قلي التركماني
الأمير الكبير شاه قلي التركماني، المشهور بالعقل والدهاء، بعثه إسماعيل بن الحيدر
الصفوي ملك الفرس إلى برهان نظام شاه البحري ملك أحمد نكر فخدمه مدة، ثم خدم
ولده حسين نظام شاه ثم ولده مرتضى نظام شاه، واستمر سنين في الخدمة، فلقبه نظام شاه
صلابت خان ورفع منزلته، وفوض إليه مفتاح القلعة، وجعله رأس النوبة، وأمره على
خاصة خيل، وأقطعه أعمالاً من أرض بير، ثم ولاه الوكالة المطلقة فعنى صلابت خان بسد
الثغور وتعمير البلاد وتكثير الزراعة وغرس الأشجار المثمرة، حتى قيل إنه غرس خمسمائة
ألف من الأشجار المثمرة بأرض أحمد نكر وأعمالها، وأنشأ حديقة غناء بأمر مرتضى نظام
شاه بمدينة أحمد نكر، واستمر مدة مديدة في الوزارة والوكالة، وكان عصره أحسن الأعصار
وزمانه أنضر الأزمنة، ولكن مرتضى نظام شاه لما اعتراه الجنون وكان معتزلاً في قصر من
القصور الشاهانية كتب إليه في جنونه رقعة يأمره بقيد نفس وأن يحتبس بقلعة كيرله على
حد مندو، وكان صلابت خان يؤثر طاعته ففعل، وتعب لأجله العسكر، ومن بعده تلوعب
بنيابة السلطة وقتل مرتضى نظام شاه بعد مدة يسيرة، وولي ولده حسين ثم قتل وولي
إسماعيل، وركب جمال خان المهدوي بجمع كثير من أهل الدكن ومعه سيف الملوك ألغ
خان الحبشي برجاله إلى قلعة أحمد نكر، وقاتلوا أهلها وقتلوا من قتل الحسين، ثم توجهوا
إلى المحل الذي كان فيه إسماعيل نظام شاه فحيوه بتحية السلطة، وقال جمال خان لسيف
الملوك: خربت بيت نظام شاه فاستدركه بتدبيرك! فقال له سيف الملوك: ما يصلح لهذا إلا
صلابت خان وهذا وقت طلبه، فطلبوه، ثم اجتمع جمال خان برجاله وقال لهم: متى نجد
مثل هذه الفرصة للدولة ولا حاجة إلى صلابت خان فتفرقوا على أن نيابة السلطة لجمال
خان، وأما صلابت خان فوصل إليه كتاب سيف الملوك ووصل قبل وصوله كتاب الملكة
جاند بي بي تعاتبه فيه وتقول: لا يشك أحد في كياستك إلا أنه مثل لدى العوام إذا المتكلم
مجنون فليكن المستمع عاقلاً، وكان المجنون بالفعل نظامك والعاقل أنت فمن يعذرك فيما
تقيدت به هنا حتى سم نظامك وذبح ولده وخرب الملك بتلاعب الأجانب به وكنت فيه
من حسناته فصرت باعتزالك عنه من سيئاته، فاعزم على سلامة الله عسى تتلافاه عسى،
فنزل صلابت خان وفي ساعة وصوله إلى برار اجتمع به أميرها وكتب إليه من كان في أيامه
من الأمراء بالطاعة والطلب له، فتوجه إلى أحمد نكر في نحو عشرة آلاف فارس، وأخرج
جمال خان نظام شاه الصغير إليه محارباً وحرضه الأمراء على الحرب، فأبى صلابت خان
وأرسل يقول جئت مطلوباً وما من صفتي مقابلة صاحبي نظام شاه حرباً وها أنا راجع
يبارك الله له ولكم في الملك، ثم إنه رجع إلى برار وجماعة من الأمراء في أثره إلى أن دخل في
حد برهانبور، وبعد الاجتماع بعادل شاه البرهانبوري رآه يميل إلى سلطة نظام شاه، فأرسل
ما كان معه من الخيل والسلاح، والأفيال إلى جمال خان وكتب: لست الآن بطالب رياسة
ولا شيء من الدنيا إلا أني ما دمعت هنا لا يمكنني سوى الطاعة، فأريد الضيعة التي
عمرتها تحت العقبة المسماة بسي كام للسكنى، وحيث

الصفحة 347