كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

القوم على الشيخ عبد الوهاب، وأخذ الطريقة السهروردية عنه، والطريقة القادرية على
الشيخ إبراهيم المذكور، ثم سافر إلى ظفر آباد ولازم الشيخ قاضي خان بن يوسف
الناصحي ثلاث سنين وأخذ عنه الطريقة الجشتية، وكان قاضي خان من كبار أصحاب
والده، ثم أجازه في الطريقة الجشتية الشيخ تاج محمود الجونبوري أيضاً فرجع إلى دهلي
حائزاً لمزيد الفضيلة وتولى الشياخة بها.
وكان كثير العبادة والتأله والمراقبة والوجد والحالة والفناء والإنكسار والإستغناء عن
الناس مع البشاشة وطيب النفس، كان يتحمل الأذى عن الناس حتى إن أحداً منهم
تواجد في مجلس السماع ووقع عليه في حالة الوجد فصرعه على الأرض، فتألم به ولم يتغير
عنه وأعذره الناس لتواجده، ثم وقع عليه في مجلس آخر وصرعه، فأراد الحاكم أن يضربه
فحال بينه وبين الحاكم، ولم يدعه أن يتعرض به أحد، وكان كثيراً ما يتجشم الشدائد
لشفاعة الناس، فيذهب إلى بيوت الأمراء بشق النفس ولو كان في اعتكاف الأربعين، وربما
يقعد على أبوابهم إن لم يقبلوا الشفاعة من الصباح إلى المساء، ويتردد إليهم غير مرة مع
انقطاعه إلى الزهد والعبادة والإشتغال بالله سبحانه والتجرد عن الأسباب واختيار الفقر
والتقلل.
وكان يدرس ويفيد في التفسير والتصوف، لا سيما عرائس البيان وعوارف المعارف
وفصوص الحكم وشروحها، وله مصنفات يبلغ عددها إلى اثنين وعشرين كتاباً، منها شرح
الحقيقة المحمدية للشيخ وجيه الدين العلوي الكجراتي والرسالة العينية في الرد على الغيرية
للشيخ عبد الملك بن عبد
الغفور الباني بتي، والرسالة العزيزية في الأذكار والأشغال، وعمدة الاسلام في الفقه الحنفي بالفارسي
في مجلد.
توفي بمدينة دهلي يوم الاثنين لست خلون من جمادي الآخرة سنة خمس وسبعين وتسعمائة، ومن
غرائب الاتفاق أنه كاتب يكتب في الرسائل قبل اسمه ذرة ناجيز فلما أحصى عدد ذلك اللفظ بعد موته
علم أنه تاريخ لوفاته.
الشيخ عبد العزيز السهارنبوري
الشيخ الصالح عبد العزيز بن خواجه سالار بن فريد الدين الأنصاري السهارنبوري، أحد رجال
العلم والطريقة، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور ولازم الشيخ إسحاق الحسيني البخاري وأخذ عنه العلم
والطريقة، وكان يدرس ويفيد، مات لثمان خلون من شوال سنة ست عشرة وتسعمائة بمدينة
سهارنبور، كما في المرآة.
أبو القاسم عبد العزيز الكجراتي المعروف بآصف خان
الوزير الكبير أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن شاهو بن تكودر -
بالفوقية - بن جام ننده السندي الكجراتي، الشهيد السعيد المسند العالي آصف خان، كان أعظم
الوزراء بمملكة كجرات، ولد ليلة الخميس ثاني عشر ربيع الأول سنة سبع، وقيل: تسع، وتسعمائة
بجانبانير، ونشأ في حجر والده واشتغل عليه في علوم شتى، منها الصرف والنحو والمعاني والبيان،
ثم اشتغل بالعلو الشرعية على القاضي برهان الدين النهروالي ومن جملة ما أخذ عنه علوم الحديث،
ثم قرأ المنطق والحكمة والأصول والطب على الخطيب أبي الفضل الكاذروني وعلى السيد أبي
الفضل الاسترآبادي من أكبر تلامذة المحقق الدواني، ثم لم يزل يتدرج في مراتب السعادة والكمال،
وتظهر عليه بشائر النجابة والإقبال، حتى اختاره بهادر شاه الكجراتي بحضرته، ولحظه بعين عظمته
إلى أن أهله لوزارته، وقلده كثيراً من أعمال مملكته، فخاطبه أولاً بحبيب الملك، ثم لما ضعف الورير
مجد الدين محمد بن محمد الايجي عن تعاطي ما تقتضيه الوزارة العظمى لكبر سنه تخيره لما علم
من شدة ميل السلطان إليه ومزيد اعتنائه، فأنابه منابه في القيام بالخدمة السلطانية، فقام في كل ذلك
على أكمل الأحوال وأتقنها وأوفقها للملك وأبهة السلطنة ومصالح الرعية فازداد قربه من السلطان،
فعلم الوزير الأعظم أنه لم يبق له من الأمر شيء فاستعفى من الوزارة، فولاه السلطان الولاية
العظمى ولقبه بالمسند العالي آصف خان، واستمر قائماً بذلك إلى أن دهمهم همايون شاه

الصفحة 366