كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

والفضيلة، وكان طهماسب شاه الصفوي ملك الفرس يحسن الظن لهم ويزعم أنهم شيعيون، فبلغه
بعض الوشاة أنهم أهل السنة والجماعة فغضب عليهم - وكان حينئذ في حدود آذربيجان - فعين
رجالاً ليأخذوا يحيى المعصوم وأبناه ويحبسوهم حتى يرجع إلى دار ملكه، فأخبر علاء الدولة أباه
يحيى المعصوم، وكان يحيى لا يستطيع لكبر سنه أن يخرج من بلاده سريعاً، فأخذه رجال الحكومة
وحبسوه حتى توفي في السجن، وفر ولده عبد اللطيف إلى الكيلانات، فلما سمع همايون شاه
التيموري ذلك طلبه إلى أرض الهند ولكنه توفي قبل أن يصل عبد اللطيف إلى الهند، فتلقاه أكبر شاه
التيموري بترحيب وإكرام فسكن بفتح بور، وقرأ عليه أكبر شاه جزءاً من ديوان الحافظ الشيرازي.
وكان فاضلاً مؤرخاً، له مشاركة جيدة في المعقول والمنقول، مات لخمس خلون من رجب سنة
إحدى وثمانين وتسعمائة بفتح بور، فنقلوا جسده إلى أجمير ودفنوه بها، وأرخ لوفاته القاسم أرسلان
فخر آل يس، ذكره البدايوني.
القاضي عبد الله السندي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الله بن إبراهيم العمري السندي المهاجر إلى المدينة المنورة، ولد
بدربيله - من بلاد السند - وقرأ العلم على الشيخ عبد العزيز الأبهري شارح المشكاة، ودرس بها
مدة، ثم لما تسلط على بلاد السند شاهي بيك القندهاري خرج من بلاده عازماً إلى الحرمين
المحترمين، فدخل كجرات سنة سبع وأربعين وتسعمائة، ولقي بها الشيخ علي بن حسام الدين المتقي
البرهان بوري وكان المتقي مرزوق القبول في بلاد كجرات، وكان بهادر شاه الكجراتي معتقداً بفضله
وكماله يريد أن يحضر لديه والمتقي لا يرضى بذلك فشفع له القاضي، فقال له المتقي: كيف يجوز
أن يأتيني بمنكراته ولا آمره بالمعروف ولا أنهاه عن المنكر! فأجاز له بهادر شاه أن يأمره بما شاء
وينهاه عما شاء فأذن له المتقي فدخل عليه السلطان وقبل يده، ثم بعث إليه مائة ألف تنكه فتفضل
المتقي بها على القاضي، فصارت له زاداً وراحلة إلى الحرمين الشريفين وأقام بالطابة الطيبة مدة
حياته.
الشيخ عبد الله الأمروهوي
الشيخ الكبير عبد الله بن أحمد بن طيفور بن شمس الدين بن محمد بن محمود ابن عبد الخالق بن
محمد بن محمد بن محمود الخير بن علي الرامتيني الأمروهوي، كان من نسل إبراهيم بن علي
الرضا - عليه وعلى آبائه التحية والثناء - وكان من الأولياء المشهورين في الهند، جمع العلم
والعمل والصحو والسكر والجذب والسلوك، ذكره عبد القادر البدايوني وقد اجتمع به في أمروهه،
قال: إني أدركته بأمروهه فقرأ آية من آيات القرآن وفسرها وطفق يحرض الناس على الرضا
بالقضاء، وكان يلتفت إلي في ذلك الخطاب، فلما وصلت إلى بدايون علمت أن ابنتي قد ماتت حين
كنت في السفر، فعلمت أن المقصود من ذلك الخطاب كان تسليتي، انتهى.
وقال السنبهلي في الأسرارية: إنه سافر إلى الحرمين الشريفين في صباه، فلما وصل إلى كنباية
أدرك رجلاً مغلوب الحالة، فأشار إليه أن يرجع إلى بلدته أمروهه، فرجع ولازم الشيخ علاء الدين
الجشتي الدهلوي وأخذ عنه، ولما بلغ رتبة الشياخة عاد إلى أمروهه وانقطع إلى الزهد والعبادة.
توفي لخمس عشرة من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وتسعمائة.
مولانا عبد الله التلنبي
الشيخ الفاضل العلامة عبد الله بن إله داد العثماني التلنبي الملتاني ثم الدهلوي، أحد الأساتذة
المشهورين في الهند، ولد بتلنبه - بضم الفوقية قرية من أعمال ملتان - وتعلم الخط والحساب، وقرأ
العربية أياماً في بلاده، ثم سافر إلى إيران وأخذ المنطق والحكمة عن العلامة عبد الله اليزدي ولازمه
مدة طويلة حتى حاز قصب السبق وأحكم، وهو في ريعان العمر وعنفوان الشباب، فبهر الفضلاء من
فرط ذكائه وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه، فرجع إلى الوطن وهو من أكابر العلماء،
وتصدر للتدريس فدرس وأفاد مدة في بلاده، ثم ألجأته الفتن إلى الخروج من تلك البلاد، فدخل دهلي
في أيام سكندر شاه اللودي، واغتنم السلطان قدومه وجعله ملك العلماء.

الصفحة 373