كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

وكان يدرس الكتب الدقيقة في المنطق والحكمة بغاية التحقيق والتدقيق، وهو الذي أدخلها في نظام
الدرس وروجها في هذه البلاد، صرح به البدايوني في تاريخه، قال: إن قبل وروده ما كانوا يقرؤن
في هذه الديار غير شرح الشمسية في المنطق وشرح الصحائف في الكلام، فوسع في نظام الدرس
وأدخل فيه الكتب الدقيقة من المعقول.
قال: وكان سكندر شاه يكرمه غاية الإكرام ويحضر لديه فإن وجده مشتغلاً بالتدريس يتوارى عنه في
زاوية من زوايا المجلس لئلا يختل بقدومه نظام الدرس فإذا فرغ سلم عليه وحادثه.
قال: وإن السلطان جمع أرباب العلم من أقطاع الهند وجعلهم فريقين، جعل الشيخ عبد الله ورفيقه
عزيز الله في جانب واحد، وجعل الشيخ إله داد الجونبوري وولده الشيخ بهكاري في جانب آخر،
وأمرهم بالمناظرة، فاشتغلوا بالبحث والمناظرة، ووضح له أن الفريق الأول فائق على الثاني في
حسن المحاضرة، والثاني على الأول في براعة التحرير، انتهى.
وكان له تلامذة أجلاء منهم المفتي جمال الدين وصنوه عبد الغفور بن نصير الدين الدهلوي وميان
شيخ الكواليري وميران جلال الدين البدايوني وغيرهم، وكلهم نبغوا بصحبته وصاروا أساتذة
عصرهم، وكانوا أكثر من أربعين رجلاً.
توفي سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة.
مولانا عبد الله الجونبوري
الشيخ الفاضل عبد الله بن إله داد الحنفي الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية، ولد
ونشأ بمدينة جون بور واشتغل بالعلم من صباه، وقرأ على أبيه ولازمه ملازمة طويلة حتى برع
وفاق أقرانه في العلم والمعرفة، وإني أظن أن هذا هو الشيخ بهكاري الذي ذكره البدايوني، فإن أهل
الهند من عادتهم أنهم يسمون أبناءهم باسم ويدعونهم باسم آخر مختصر خفيف على لسانهم، والله
أعلم.
الشيخ عبد الله المتقي السندي
الشيخ العالم المحدث عبد الله بن سعد الله المتقي السندي المهاجر إلى المدينة المنورة، لم يكن في
زمانه أعلم منه بالحديث والتفسير، ولد ونشأ في أرض السند على فضل عظيم، ورحل إلى كجرات
صحبة القاضي عبد الله بن إبراهيم السندي سنة سبع وأربعين وتسعمائة، ثم سافر إلى الحرمين
الشريفين معه، وأخذ الحديث بها عن أئمة العصر وعن الشيخ علي بن حسام الدين المتقي
البرهانبوري، وسكن بالمدينة مدة طويلة، ثم رجع إلى الهند صحبة الشيخ رحمة الله بن القاضي عبد
الله السندي سنة سبع وسبعين وتسعمائة وأقام بكجرات زماناً.
وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، ثم عاد إلى مكة المباركة وتوفي بها.
ومن مصنفاته: جمع المناسك ونفع الناسك، صنفه سنة خمسين وتسعمائة، ومنها حاشية على عوارف
المعارف للسهروردي.
توفي في شهر ذي الحجة سنة أربع وثمانين وتسعمائة بمكة المباركة، ذكره الحضرمي في النور
السافر.
الشيخ عبد الله السلطانبوري
الشيخ العالم الكبير عبد الله بن شمس الدين الأنصاري السلطانبوري المشهور بمخدوم الملك، كان
أصله من بلدة تته - من بلاد السند - انتقل جده منها إلى جالندهر وولد عبد الله بسلطان بور من بلاد
بنجاب، واشتغل بالعلم من صباه، وسافر إلى سرهند فقر الكتب الدرسية على العلامة عبد الله
السرهندي، ثم دخل دهلي وأخذ الحديث عن الشيخ إبراهيم بن المعين الحسيني الأيرجي، ثم رجع
إلى بلدته واشتغل بالتدريس والتصنيف والتذكير، وحصل له القبول العظيم، فولاه همايون شاه
التيموري شياخة الإسلام، فاستقل بها في أيامه وأيام فترته إلى أوائل عهد ولده أكبر شاه، وكان
الملوك والسلاطين كلهم يكرمونه غاية الإكرام ويتلقون إشاراته بالقبول، حتى أن شير شاه لقبه بصدر
الإسلام، وابنه سليم شاه كان يجلسه على سريره ويعرض عليه النذور الثمينة ولما رجع همايون شاه
من

الصفحة 374