كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

إيران وجلس على سرير الملك مرة ثانية لقبه بشيخ الإسلام، ولقبه أكبر شاه بمخدوم الملك،
وجعل راتبه مائة ألف دام.
واستمر على ذلك سنين، ثم لما دس الشيخ مبارك بن خضر الناكوري في قلب أكبر شاه أنه مجتهد
في المذهب لا ينبغي له تقليد الصدور والقضاة أمر بإخراجه إلى الحرمين الشريفين، فسافر إلى
الحجاز سنة سبع وثمانين وتسعمائة، فلما وصل إلى مكة المباركة استقبله أكابر العلماء بمكة، وتلقاه
الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي إجلالاً وتعظيماً، فأقام بمكة مدة من الزمان، ثم عاد إلى
الهند، ولما وصل إلى كجرات توفي بها مسموماً.
قال البدايوني: إنه كان من فحول العلماء، رأساً في الفقه والأصول والتاريخ والحديث وسائر العلوم
النقلية، وكان شديد التعصب على أهل البدع والأهواء لا سيما على الشيعة، قال: وإنه كان يقول إن
روضة الأحباب ليس من مصنفات الأمير جمال الدين المحدث، وكان يستشهد بشعر في منقبة سيدنا
علي رضي الله عنه أورده الجمال في المجلد الثالث من ذلك الكتاب:
همين بس بود حق نمائي أو كه كردند شك در خدائي أو
ثم التفت إلي وقال: أنظر كيف بالغ في مدحه حتى جاوز عن الرفض إلى عقيدة الحلول - أعاذنا
الله سبحانه منها - فقلت له: هذا مأخوذ من قول الشافعي حيث قال:
لو أن المرتضى أبدى محله لصار الناس طراً سجداً له
كفى في فضل مولانا على وقوع الشك فيه أنه الله
فنظر إلى شزرا ونازعني في صحة النقل، فقلت له: نقلها المير حسين الميبذي في شرح ديوان
الشعر لسيدنا علي رضي الله عنه، فقال: إن الميبذي أيضاً متهم بالرفض. فقلت له: إني سمعت من
بعض الثقات أن المجلد الثالث من روضة الأحباب ليس من مصنفات الأمير جمال الدين المحدث بل
لابنه ميرك شاه، فقال: إني وجدت في المجلد الثاني أيضاً بعض المناكير فعلقت عليها الحواشي،
انتهى.
وللشيخ عبد الله مصنفات عديدة، منها: كشف الغمة، ومنهاج الدين، وعصمة الأنبياء، وشرح العقيدة
الحافظية، ورسالة في تفضيل العقل على العلم، وله غير ذلك من الرسائل.
توفي بأرض كجرات مسموماً سموه بأمر أكبر شاه، كما صرح به الخوافي في مآثر الأمراء وكان
ذلك سنة تسعين - أو إحدى وتسعين - وتسعمائة.
مولانا عبد الله اللاهوري
الشيخ العالم الصالح عبد الله بن عبد الخالق الشريف الحسني اللاهوري، أحد العلماء المشهورين
بالفقه والحديث والتفسير، وكانت له مشاركة جيدة في العلوم العقلية، درس وأفاد مدة عمره بمدينة
لاهور وتخرج عليه خلق كثير، مات سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة بلاهور فدفن بها قريباً من مقبرة
الشيخ جان محمد الحضوري، كما في حدائق الحنفية.
الشيخ عبد الله السنبهلي
الشيخ الأجل عبد الله بن عثمان بن عطاء الله المودودي الأمروهوي ثم السنبهلي، كان لقبه شمس
الدين وكمال الدين، واشتهر بالشيخ بنجو، ذكره عبد القادر البدايوني في تاريخه بذلك الاسم واللقب،
وسبب شهرته بذلك الاسم واللقب، وسبب شهرته بذلك الاسم أن أباه توفي في حياة جده عطاء الله
وكان بنجو صبياً، فأخذه عطاء الله في حجر تربيته وجعله قائماً مقام والده المرحوم، وكان له خمسة
أبناء فمنحه خمس أمواله وأملاكه، فاشتهر بالشيخ بنجو، لأن بنج بالفارسية معناه الخمس والواو
للنسبة.
وهو ولد سنة ست وستين وثمانمائة بمدينة أمروهه، ونشأ في مهد العلم والكرامة، ولما توفي جده
سافر إلى سنبهل وقرأ العلم على الشيخ العلامة عزيز الله التلنبي ولازمه مدة، ثم سافر إلى دهلي
وأخذ الطريقة عن الشيخ علاء الدين الجشتي الدهلوي

الصفحة 375