كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

وإلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وساح البلاد وأدرك المشايخ الأمجاد، ولازم أصحاب
الشيخ محمد بن يوسف الجونبوري في كجرات وإقليم الدكن، واستحسن طريقتهم في الترك والتجريد
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فدخل في جماعة المتمهدي المذكور، ثم جاء إلى بيانه وأقام بها
مدة طويلة كآحاد الناس غير مقيد برسوم المشايخ، وناله من سليم شاه السوري سلطان الهند أذى كثير
حتى عيل صبره فخرج من بيانه وساح البلاد مدة، ثم جاء إلى سرهند واعتزل بها ورجع عن القول
بالمهدية للسيد محمد بن يوسف الجونبوري.
قال: ولما أسس أكبر شاه التيموري عبادت خانه بمدينة فتح بور طلبه من سرهند، واحتظ بصحبته
أياماً، ثم رخصه فاعتزل بها، ولقيه أكبر شاه مرة ثانية بسرهند وأعطاه أرضاً خراجية وكان لا يقبل،
فأصر على ذلك فلم يسعه إلا القبول، ولكن النيازي لم ينتفع بها قط وعاش في الفقر والفناء كما كان
يعيش سابقاً، كان عمله باحياء العلوم للغزالي، انتهى.
وقال السيد الوالد في مهر جهانتاب: إنه لما رحل إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة أخذ الحديث
عن أئمة العصر، وقيل إنه رجع عن العقيدة الباطلة في المهدي، وله مصنفات عديدة، منها القربة إلى
الله وإلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنها مرآة الصفا والصراط المستقيم، انتهى.
توفي بسرهند سنة ألف وله تسعون سنة، كما في المنتخب.
الشيخ عبد الله الكوئلي
الشيخ الفاضل عبد الله الحسيني الكوئلي، أحد العلماء المشهورين في عصر الشيخ عبد القدوس
الكنكوهي، ذكره ركن الدين محمد بن عبد القدوس في اللطائف القدوسية.
الشيخ عبد المجيد الكنكوهي
الشيخ الفاضل عبد المجيد بن عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الشيخ حميد الدين الكنكوهي، أحد
العلماء المتصوفين، ولد ونشأ بكنكوه وسافر للعلم، فقرأ على مولنا قطب الدين السرهندي والشيخ
أحمد الحسيني الملتاني وعلى غيرهما من العلماء، وانتفع بأبيه وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة حياته،
له رسالة في إثبات وحدة الوجود، ذكره ركن الدين محمد في اللطائف القدوسية.
الشيخ عبد المعطي باكثير المكي
الشيخ العالم الكبير المحدث عبد المعطي بن الحسن بن عبد الله باكثير المكي ثم الهندي الأحمد
آبادي، أحد العلماء المحدثين، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: وكان مولده سنة
خمس وتسعمائة بمكة ونشأ بها، ولقي جماعة من العلماء الفاضلين، وشارك في المعقول والمنقول،
وتفنن في كثير من العلوم، ودخل الهند آخراً وأقام بها.
وكان حسن المحاضرة لطيف المحاورة، فكهاً، له ملح ونوادر، ولم يزل على قدم الصلاح والتعفف
إلى أن مات، وحكى أنه قرأ كتاب الشفاء على بعض مشايخه في مجلس واحد، وذلك بعد صلاة
الصبح إلى أول الظهر، ومن شيوخه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري لأنه سمع عليه صحيح البخاري
بقراءة والده، وهو يرويه عنه سماعاً - كما في اصطلاح أهل الحديث - والشيخ زكريا يرويه عن
شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني، ولهذا اشتهر صاحب الترجمة في زمنه بالسند العالي وتميز
عن أقرانه بذلك، فازدحم الناس على الأخذ منه وصار له من الحظ بسبب ذلك ما لا مزيد عليه،
وسمعت عليه مجالس من صحيح البخاري وأنا صغير وتلفظ حينئذ بالإجازة وكان والدي طلب منه
أن يجعلها في أرجوزة حتى يضيفها إلى جنب قصائده فلم يقدره الله على ذلك، ومن تصانيفه كتاب
أسماء رجال البخاري، يذكر فيه كل من اشتمل عليه الكتاب المذكور من شيخ البخاري إلى الصحابي
راوي الحديث ولم يتمه، والذي كتب منه نحو مجلد ضخم، والظاهر أنه لو يتم يكون في مجلدين،
وهو مفيد في بابه، ومن شعره قوله في شمعة:
وممشوقة هيفاء لدن قوامها من البيض تزري بالمثقفة السمر

الصفحة 377