كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

وسارعوا واستعينوا بالصبر ساعة، فإما ثواب المحسنين وإما درجات الأحياء عند
ربهم فرحين، ثم ذكرهم بالأحاديث النبوية، على صاحبها السلام والتحية، ثم قال: عباد الله! فضل الله
المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيما، فالمناسب
هنا ونحن أصحاء أقوياء مستوو الأعضاء أن يتأسى بعرجته وإن لم نكن في درجته، وقد قيل: الجبان
ملقى والشجاع موقى، ثم ذكرهم بما قال خالد بن الوليد - رضي الله عنه - عند موته، وقرأ الفاتحة
وصلى على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكبر وكبروا، وتقدم إلى موقف يرضاه الله ورسوله، ولحق
به دولت خان وبرهان الملك وأصحابهما، قال الآصفي: وبعد ارتفاع الشمس قيد رمح خرج من القلعة
بيرزي صاحب كوه وبين يديه ثلاثون ألفاً، ومدافع القلعة تشتعل نارها، وتتطاير من الأغربة
شرارها، فاعتكر الجو وأظلم، وارتجع أبلق الشروق أدهم، عند ذلك زحف حزب الله وقد أعلوا
التكبير وشقوا الغبار وكالصور يزعق النقير وجلوا ذلك الظلام ببوارق الأسنة والحسام، ولما انتهوا
إلى الصفوف حطموا بالسيوف، وقطعوا الحناجر بالخناجر، وجالوا جولة الأسد، وحالوا بين الروح
والجسد، وكشفوا العدى وحملوا منهم الصف على الصف حتى بلغوا العلم، فكانت شدة قضت بما القلم
به جف، وسببها كان في المسلمين قلة العدد وفي المشركين كثرة فيه وفي العدد، وبلغ الشهادة منهم
ألف ومائتان، وقتل من الفرنج في الحصار ألف وسبعمائة، وفي الصف أحد عشر ألفاً ومائة، ولو
وقف برهان الملك في المعركة بأصحاب لكان ظهيراً للمسلمين لكنه في نزول أهل الأغربة إلى
الساحل من طرشة بنادقهم رد وجهه مدبراً بحزبه، فكأنه في أجنحة العصافير فزعاً تطير به، وخلى
ظهر أهل الزحف فاقتفاه أهل الأغربة، فصاروا كالمركز في الدائرة، فانحازوا إلى الجسر وتكاثروا
عليه، وكان ممدوداً من خشب فانكسر بالمارة عليه، فوقعوا في الخندق، وكانت أسياخ من حديد
مركوزة فيه، فهلك بها من سقط، وكان منهم رومي خان، واستشهد دولت خان في المعركة، وأما قرا
حسن فإنه خرج من طرق يعرفه على الخندق وكان آخر الناس خروجاً، فمن تبعه نجا، وبلغ من
سقط في الخندق ثلاثمائة رجل، فكان جملة الهالكين ألفاً وخمسمائة، والجريح ألفاً، والخارج بالسلامة
مع قرا حسن أربعة آلاف وخمسمائة، وبات قرا حسن بنوا نكر واجتمع الغريب عليه وظل يومه بها،
وتلافى الجريح بالجرائحي وتفقد سائر الناس بمواصلة النقد من الخزانة وأمسى بها، وأصبح سائراً
إلى أحمد آباد بالمدافع والأثقال، ولما اجتمع بالسلطان استدناه واستخبره عن الحادثة، فكان هو يحكي
والسلطان يبكي، فلما نجز بيانه استرجع السلطان واستدعى بأصحابه وخلع على الجميع وجعل قرا
حسن أميراً على المدافع ولقبه بالمجلس المنصور جنكيز خان في يومه، وأمره بصب المدافع التي
يتأتى به فتح ديو، وأمر حكام البنادر بمنع الفرنج من المساكنة والتردد، وحكم بجمع خشب الساج
لنجر الأغربة وابتدأ بنجرها حكام سورت ثم بهروج وكوكه والدمن وكنباية، فامتد في زمن قريب
بعضه من بعض هراب خمسمائة غراب سوى ما في غيرها من البنادر، وشرع جنكيز خان في
صب المدافع، ففي عام فرغ من العمل مائة مدفع مكتوب على كل واحد جنكيز محمود شاه، ونادى
ببراءة الذمة من يعامل الفرنج أو يتجر لهم أو يساكنهم في ديو من مسلم وكافر أو يحمل إلى ديو من
المنافع شيئاً، وبهذا تعطل ديو وعمرت نوانكر وسكنها العسكر وبنيت بها قلعة في غاية الاستحكام،
ولم نقرأ له شيئاً من الأخبار بعد ذلك في كتب التاريخ والتراجم.
الشيخ قطب الدين المنيري
الشيخ العالم الصالح قطب الدين بن بدهن بن ركن الدين البلخي المنيري، أحد المشايخ المشهورين
في الطريقة الفردوسية، أخذ عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة ثم تولى الشياخة مكانه، أخذ عنه الشيخ
أبي يزيد بن عبد الملك المنيري وخلق آخرون.
القاضي قطب الدين الكالبوي
الشيخ الصالح القاضي قطب الدين بن كدن بن القاضي سعد الله أشرف جهاني القرشي الكالبوي
المشهور بالمجذوب، ولد ونشأ ببلدة جنديري، وانتقل منها بعد خرابها إلى كاليي وسكن بها، وكان
مغلوب الحالة ولكنه كان مقيداً بالصلوات يصلي ولا يعلم كم صلى، وكان شديد الحسبة على الناس،
فقد في سنة

الصفحة 398