كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

شروح: بسيط ووسيط ووجيز، ومختصر المقاصد الحسنة
ووصية البنات والبنين فيما يحتاج إليه من أمر الدين وشرحان على لامية العجم، وشرح على الملحة،
ورسالة في الحساب، ورسالة في الفلك، وغير ذلك.
وقد ذكر الحضرمي بعد كراماته لا نطيل بذكرها، وقال: حكى أنه مات بالسم، وسبب ذلك أنه حظي
عند السلطان إلى الغاية، فحسده الوزراء على ذلك، فوقع ما أوجب له الشهادة وناهيك بها من سعادة،
انتهى.
توفي ليلة العشرين من شعبان سنة ثلاثين وتسعمائة بكجرات، كما في ظفر الواله.
الشيخ محمد بن فخر الرهتاسي
الشيخ الفاضل الكبير محمد بن فخر الدين الجونبوري ثم الرهتاسي أحد كبار العلماء، كان يدرس
ويفيد، وله مصنفات عديدة، منها توضيح الحواشي شرح المصباح، ومنها شروح على حواشي
القاضي شهاب الدين الدولة آبادي على كافية بن الحاجب وغيره.
وقد ذكره الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي في رسائله ووصفه بعلامة العصر،
وذكره خواجه محمد هاشم الكشمي في زبدة المقامات في ترجمة الشيخ عبد الأحد السرهندي وقال:
إنه كان يدرس ويفيد وله مصنفات عديدة، أدركه الشيخ عبد الأحد في رهتاس وحضر في مجلسه
وكان حينئذ يدر في شرح المصباح للقاضي شهاب الدين ويملى على أصحابه إيراداته على شرح
المصباح للقاضي وكانت غير واردة على كلامه، فأراد الشيخ عبد الأحد أن يدفعها بوجه معقول ثم
تأخر عنه، لأنه كان عزم عند خروجه للسياحة على أن لا يقع في المباحثة، فلما فرغ محمد بن فخر
عن الدرس انكشف له الأمر فقال لمن حوله من الطلبة: إني كنت حملت كلام القاضي على ما يرد
عليه كما شرحته لكم وليس الأمر كذلك، ثم كشف عن المحمل الصحيح لكلامه، فعجبت من إنصافه،
ثم قال خواجه محمد هاشم: إني سمعت بعض العلماء يقول: إن مولانا محمداً دخل يوماً مع جم غفير
من العلماء في حديقة كانت بظاهر البلدة فغاب عن أعينهم، وبحثوا عنه أياماً فما وجدوه، انتهى.
الشيخ محمد بن المبارك الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه محمد بن المبارك الحنفي الجونبوري، أحد العلماء المتبحرين في الكلام والأصول
والعربية، ذكره ركن الدين محمد الكنكوهي في اللطائف القدوسية قال: إنه كان عالماً صالحاً ديناً سليم
الفطرة يرجع عن قوله في أثناء البحث حين تظهر له الحقيقة، قال: جرت المباحثة بينه وبين الشيخ
عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي ببلدة شاه آباد في مسألة من المسائل الكلامية، وهي أن
القول لأحد بعينه إنه من أهل الجنة أو من أهل النار هل يجوز أم لا؟ فكان محمد بن المبارك يقول:
إني لا أقول لأحد بعينه إنه من أهل الجنة أو من أهل النار فيما بيني وبين الله ولا فيما بيني وبين
الناس، وكان يستدل عليه بأن الطهارة عن الكفر، يعني الإيمان، شرط لدخول الجنة لأهلها كما أن
الطهارة للمصلى شرط لصحة الصلاة، فإذا لم يوجد الإيمان في أحد يقيناً أو شك في إيمانه هل يقال
له بجواز دخول الجنة مع أنه لا يقال بجواز صلاة أحد مع الشك في طهارته، وكلاهما شرطان
بمشروطيهما ولم يقل به أحد؟ فأجاب عن الشيخ عبد القدوس بأن القول بجواز الصلاة مبني على
عدم الشك في الطهارة وكذلك القول بجواز دخول الجنة مبني على عدم الشك في الإيمان ولا يجوز
الشك في إيمان أحد من أهل الإسلام يحكم باسلامه وإيمانه عند الناس ظاهراً فيحكم له بجواز دخول
الجنة عند الناس ظاهراً، وأما عند الله فلا يحكم به، لأنه غير معلوم لنا ولا ضرر فيه، لأنه من أمور
تتعلق بالغيب، فلا يجوز القطع فيه لأحد غير صاحب الشرع، وهذا نظير الاستثناء في الإيمان بأن
قال: أنا مؤمن إن شاء الله، باعتبار أن الأمر مغيب بمكان الخوف بالله الجليل صاحب الكبرياء
والعظمة ولا يرى الشك في إيمانه والعياذ بالله من ذلك! وإن أبا حنيفة لا يرى الإستثناء في الإيمان،
فينبغي أن يقول: أنا مؤمن حقاً، باعتبار تحقق الإيمان في الحال، وباعتبار حسن الظن بالكريم الغفور
الرحيم في المآل، ولا يقطع في عاقبة أمره،

الصفحة 414