كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

استخلفه الشيخ ولقبه مصباح العاشقين وأمره
بالتزوج، فتزوج ورزق أولاداً من هذه أيضاً، ولما استشهد الشيخ جلال الدين انتقل من بنكاله ودخل
جونبور ثم قدم لكهنؤ ثم سافر إلى قنوج، فلما وصل إلى ملاوه - بفتح الميم وتشديد اللام - على
عشرين ميلاً من قنوج استطاب ذلك المقام وألقى بها عصا التسيار، وذلك في سنة سبع وثمانين
وثمانمائة، وعكف على الإفادة والعبادة، وسافر إلى دهلي مرة ليحضر الحفلة السنوية التي تعقد على
قبر الشيخ قطب الدين بختيار الأوشي، فاستقبله إبراهيم بن سكندر شاه اللودي بأمر أبيه، ثم لقيه
سكندر شاه بنفسه ثاني يوم وروده بدهلي وضيفه، وبايعه جماعة من أعيان دهلي وأخذوا عنه.
وكان كثير الاشتغال بالذكر والفكر شديد التعبد، رزقه الله عمراً طويلاً حتى جاوز مائة سنة، وفي
ذلك العمر دخل الأربعينة واجتزأ بتمرة أو تمرتين عند الإفطار، ولم يخرج من الأربعينة ستة أشهر
حتى سقطت قواه وسكنت أعضاؤه، فكان لا يستطيع أن يتحرك ولا يمكنه أن يتكلم وكان لا يجيب إلا
برمز العين، فلما خرج بعد ستة أشهر ذاق من مرقة اللحم جرعة أو جرعتين ثم وثم حتى عادت قوته
شيئاً فشيئاً، فرأى صاحبته رفعت عمارة قبره فقال لأصحابه: إنها أستت حانوتاً لولدها الجلال، قال:
ولظل السماء يكفيني، ثم بعد أيام قلائل عرضت له الحمى واشتدت حتى توفي إلى رحمة الله
سبحانه، وكان ذلك في أول ليلة من رجب سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ذكره الجندواروي في كتابه
مصباح العاشقين.
الشيخ محمد بن هبة الله الشيرازي
الشيخ الفاضل محمد بن هبة الله بن عطاء الله الحسيني الشيرازي السيد كمال الدين الكجراتي كان
من العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، قدم والده من شيراز في أيام السلطان محمود شاه الكبير
فسكن بها سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، وولده محمد قرأ العلم على والده ولازمه مدة طويلة حتى صار
فريد عصره في كثير من الفنون ودرس وأفاد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، وكانت وفاته لخمس
بقين من ربيع الثاني بأساول، ولم أقف على سنة وفاته.
شمس الدين محمد بن يار محمد الغزنوي
الأمير الكبير محمد بن يار محمد الحسيني الغزنوي نواب شمس الدين محمد انكه خان الدهلوي
الخان الأعظم كان من كبار الأمراء في الدولة التيمورية، ولد ونشأ بغزنة، وتقرب إلى مرزا كامران
بن بابر شاه التيموري وخدمه زماناً، ولما انهزم همايون شاه عن شير شاه السورى بمدينة قنوج سنة
سبع وأربعين وتسعمائة وزحف الناس ودخلوا في ماء جمن وغرق جمع كثير منهم أدخل همايون شاه
أيضاً فيله في الماء وعبر النهر ولكنه كان لا يقدر أن يصل إلى الساحل لعلوه وكان كالطود الشامخ،
وبينما هو يهيم في عرصات الفكر إذ أخذ رجل بيده وأوصله الساحل، ففرح همايون شاه فرحاً شديداً
وسأل عن الرجل، فظهر له أنه شمس الدين محمد الغزنوي، فوعده وعداً حسناً وسار إلى بنجاب،
فلما ولد له ابنه أكبر شاه استرضع له زوجة شمس الدين وتركه في حضانتها ثم سار إلى إيران، ولما
رجع وقام بالملك مرة ثانية أقطعه بعض العمالات من بنجاب، ولما قام بالملك ولده أكبر شاه ونفى
بيرم خان الأمير المشهور من بلاده أعطاه العلم والنقارة وغيرها وولاه على بنجاب ولقبه بالخان
الأعظم.
وكان رجلاً فاضلاً تقياً صالح العقيدة متين الديانة كثير التعبد عظيم الورع كبير المنزلة عند أكبر
شاه، ولذلك صار محسوداً بين الأمراء، فقتله أدهم بن ماهم انكه، فقتل قصاصاً عنه، وكان ذلك في
سنة ستين وتسعمائة، وأرخوه لعام وفاته خان شهيد، ذكره عبد الرزاق في مآثر الأمراء.
السيد محمد بن يوسف الجونبوري
الشيخ الكبير محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري المتمهدي المشهور بالهند، ولد سنة سبع وأربعين
وثمانمائة بمدينة جونبور، وحفظ القرآن واشتغل بالعلم على الشيخ دانيال بن الحسن العمري البلخي
وبرز في الفضائل وله خمس عشرة سنة، وكان ذا جرأة ونجدة في البحث والتدقيق ولذلك لقبوه بأسد

الصفحة 418