كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 4)

سعيه، وتبعه عادل خان إلى ديبالبور وتوقف بها حتى جاءه الطلب، ثم إن الخلجي
تفقد ذخائره وهيأ الضيافة ونزل إلى مظفر شاه السلطان وسأله التشريف بالطلوع فأجابه، فلما فرغ
من الضيافة دخل به العمارات التي من آثار أبيه وجده، فأعجب بها وترحم عليهم، ثم جلسا في جانب
منه وشكره الخلجي وقال: الحمد لله الذي بهمتك رأيت بعيني ما كنت أتمناه بأعدائي ولم يبق لي الآن
ارب في شيء من الدنيا والسلطان أولى بالملك مني وما كان لي فهو له فأسألك قبول ذلك وللسلطان
أن يقيم به من شاء، فالتفت السلطان إليه وقال له: أول خطوة خطوتها إلى هذه الجهة كانت لله تعالى،
والثانية كانت لنصرتك وقد نلتها فالله يبارك لك فيه ويعينك عليه! فقال الخلجي: خلا الملك من
الرجال فأخشى ضياعه، فأجابه مظفر شاه المظفر الحليم وقال له: أما هذا فمقبول، سيكون آصف
خان معك باثني عشر ألف فارس إلى أن يجتمع رجالك، فطلب الخلجي أن يكون عنده ولده تاج خان
وألح عليه، فأجاب إلى ذلك ووعده بالنصر في سائر الأوقات وقال لآصف خان: مالك ولأصحابك
كافة من الجراية والولاية عندي فهي على حالها إلى أن ترجعوا إلى منازلكم، وما يعطيكم الخلجي
فهو مضاف إليه للتوسع في الوقت، وأمر للخلجي بخزانة ثم ودعه ونزل.
وقيل: إن مظفر شاه لما فتح القلعة ودخلها سأله أركان سلطنته أن يستأثر بها، فالتفت إلى الخلجي
وودعه للنزول وقال له: احفظ باب القلعة برجال لا يدعوا أحداً يدخلها بعد نزولي حتى من ينتسب
إلي، فالتمس الخلجي أن يمكث أياماً، فأبى ونزل، ثم بعد ثلاث أضافه الخلجي ودار به في العمائر
التي ما مثلها يذكر في الهند وانتهى إلى عمارة بابها مغلق، فاستفتحه ودخل إلى حجر هناك فأمر
الطواشية بفتحها واستدعاء من فيها، فإذا بنساء برزن في حلي وحلل قل أن رأت العين مثلهن
وبأيديهن أصناف الجواهر، وما منهن إلا من سلمت ونثرت ما بأيديها على قدم السلطان، فلما
رأى.... أشار بأن يحتجبن لعدم حلية النظر إلى الأجنبية، فقال الخلجي: كلهن ملكي وأنا مالك، والعبد
وما ملك لمولاه، فدعا له وعاد إلى قبابه، وبالجملة فلما نهض للمسير راجعاً نزل الخلجي ومعه تاج
خان وآصف خان، وشيعه إلى حده وسأله الدعاء ورجع، ورخص السلطان لعادل خان فرجع إلى
برهانبور، ووصل السلطان بالفتح والدعاء إلى جانبانير، وكان يوم دخوله مشهوداً كثر فيه الدعاء له
من سائر عباد الله تعالى.
وكان فتح مندو في ثاني عشر من صفر سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ولبعض الشعراء في
تاريخه:
مظفر شاه سلطان جهانكير أساس شرع ودين از نو نهادي
كرفته قلعه مندو بشش روز طلسم اينجنين محكم كشادي
همين بس بهر تاريخش كه كويم كرفته ملك مندو باز دادي
وفيه:
مظفر شاه سلطان جهانكير آنكه تيغ أو بناي كفر را ويران ودين وشرع را نو كرد
جو از بخت همايون كرد فتح قلعه مندو بود تاريخ سال آن همايون فتح مندو كرد
وقال بعضهم في تاريخه: قد فتح المندو سلطاننا وهذا من نوادر الوقائع لا يذكر مثله لأحد من ملوك
الهند وسلاطينها بل سلاطين غيرها من البلاد.
وأعجب من ذلك أن هذا الخلجي وأسلافه كانوا من أعداء دولتهم، فإن جده محمود شاه الخلجي الكبير
كان - سامحه الله - يصول عليهم مرة بعد أخرى، وفي كل مرة يخسر ويخيب في أمله، وأبوه غياث
الدين الخلجي خرج إلى كجرات لنصرة كفار الهنود على محمود شاه الكجراتي الكبير، وكذلك جده
في أيام محمد شاه الكجراتي، سامحهما الله تعالى! ولله در من قال:
هيهات أن يأتي الزمان بمثله إن الزمان بمثله لبخيل

الصفحة 433