كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام (اسم الجزء: 7)
النصرانية، إلا أن فرقاً
منهم قد غلب عليهم الميل إلى طريقة الحكماء الطبيعيين من قرب المدة المذكورة أي من قرب
ثلاثمائة سنة.
والروس أوسعهم مملكة لا يقاس بها كل الهند، والإنكليس أقربهم إلى طريقة الحكمة علماً وعملاً
وأشدهم غلبة وشوكة في البحر لاختصاصهم بكثرة المراكب وإتقان صنعتها والمهارة في تسييرها
والمحاربة عليها، يشتمل أعظمها على مائة وعشرين مدفعاً فما دون ذلك إلى عشرين، وإنما اعتنوا
بذلك كثيراً من دون سائر الأقوام لأن أرضهم جزيرة يحيط بها البحر من الأطراف لا اتصال لها بهذه
الأرض بخلاف سائر الإفرنجة فإنها متصلة بها، لكن هذه الجزيرة قريبة من ساحل ملك الفرانسيس
جداً وعرض الماء الذي بينهما اثنا عشر فرسخاً، وقد شاعت العلوم اللسانية ومعرفة اللغات القديمة
في عامة بلاد الإفرنج كالعربية واليونانية والرومية التي تسمى ليتن وأكثر كتبهم بها، واشتد ولوعهم
بتعلم اللغات المختلفة التي لهم، خصوصاً لسان الفرانسيس حتى لا يفوتهم شيء مما قد تعثر عليه قوم
دون قوم، وكلما صنف في بلدة كتاب ترجمه الآخرون واتسع باب التصنيف والتأليف أصلاً ونقلاً من
لغة إلى أخرى، ويوجد جم غفير من المصنفين في كل عصر بل صار هذا باباً عظيماً لكسب المال،
فإن من صنف كتاباً يخرجه إلى من يطبع الكتب فيعمل له في شهور ألوفاً منه حسب ما اشتهاه لا
يختلف خطاً وشكلاً وصحة وسقماً، بل كلها على نمط واحد في غاية الصحة والجودة، وتباع لأجل
سهولة العمل بقيمة يسيرة يمكن الكل شراؤها فيعود الربح على المصنف، وطبع الكتب صناعة
شريفة عظيمة النفع من جهات شتى، ظهر في تلك البلاد من قرب المدة المذكورة، ولا يخلون من
رغبة إلى لغة العرب والفرس والترك، بل قد عملوا فيها مجلدات ضخاماً وضبطوها على قدر
وسعهم، وقد تصدى رجل من الإنكليس في قرب زماننا يسمى سبيل لترجمة الكتاب الكريم فأتى
بالعجب العجاب لعذوبة البيان والتزام التطابق وترك العصبية وسلوك طريق الانصاف وحل
المشكلات من مظانها من التفاسير المشهورة كالبيضاوي والكشاف، وكذلك قد وقعت الحكمة الطبيعية
والرياضية من قلوبهم كل موقع وحلت بالمحل الأعلى، وتوغلوا فيها على أسلوب جديد واكتفوا من
المنطق بقليل، وهجروا الإلهي إلا ايداعه كتباً من ذلك القبيل، ظناً منهم أن أن الاستدلال مركوز في
جبلة الإنسان ونسبة المنطق نسبة النحو والعروض قلما يخطئ فيها من أعطى السليقة، ومن يبعد
عنها فلا ينفعه تفصيل القوانين أيضاً، والباري جل شأنه لا يبلغ كنه ذاته ولا حقيقة صفاته العقول
القاصرة فلا يغني فن الإلهي الذي ليس إلا محض الظن من الحق شيئاً، انتهى ملخصاً.
وكانت وفاته ببلدة لكهنؤ في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين وألف، كما في قيصر التواريخ.
مرزا حسن علي الشافعي اللكهنوي
الشيخ العالم المحدث حسن علي بن عبد العلي الشافعي اللكهنوي أحد العلماء المبرزين في الفقه
والحديث، ولد ونشأ ببلدة لكهنؤ وقرأ العلم على حيدر علي بن حمد الله السنديلوي، ثم سافر إلى
دهلي، وأخذ عن الشيخ رفيع الدين والشيخ عبد القادر، وحصلت له الإجازة عن صنوهما الشيخ عبد
العزيز بن ولي الله العمري الدهلوي، فاعتنى بالحديث أشد اعتناء، وكان في بداية حاله حنفياً ثم صار
شافعياً، وكان يدعى أنه من ذؤابة بني هاشم ولذلك يرسم اسمه هكذا ميرك جمال الدين حسن علي
الهاشمي والمشهور على أفواه الرجال أنه كان من المغول، وكان اسم والده مرزا بنده علي بيك فبدله
بعبد العلي، أخبرني بها شيخنا محمد نعيم بن عبد الحكيم اللكهنوي.
قال محسن بن يحيى الترهتي في اليانع الجني: إنه كان متبحراً في الحديث ومتقناً لعلومه، قد اشتهر
بين الناس أنه كان يتعبد على مذهب الشافعي - رضي الله عنه - وقيل غير ذلك، انتهى.
ومن مصنفاته: تحفة المشتاق في النكاح والصداق وبرهان الخلاف، ورسالة في تحريم النجوم
والرمل والجفر، وله رسائل كثيرة وفتاوي فقهية.
مات يوم السبت لأربع ليال بقين من صفر سنة