كتاب أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن

[30/ب]

أمير المؤمنين المستنصر بالله محمد بن الأمير أبي زكريا يحيى بن
أمير المؤمنين المتوكل على الله أبي يحيى (*):
[كنيته:]
يكنى أبا عبد الله. وأدركته ورأيته وهو ملك بجاية. وصحبته بفاس في حضرة الملوك من بني مرين حين خلعه أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عنان ملك المغرب عن ملكه ببجاية. وكان يظهر لي من الوداد ما جلّ عن الوصف.

حاله-رحمه الله تعالى-
طلع في سماء الإمارة بدرا. وسما بنسبه العربي قدرا. وفاق ببارع جماله كما ساد بحظه وإجماله. وظهر له من العطاء ما أنسى به الطّائي، ومن الشهامة ما أذهلت القريب والنائي، ومن الفصاحة ما أسكتت الغائب والرّائي.
عزم على ظهور ملكه فخانه جدّه، ولم ينفعه حزمه وجدّه. بل سطا الدّهر به سطوة حاقد، ونبّه له جفنه الرّاقد. ففتك به ابن عمّه، واحتزّ رأسه عن جسمه.
أنشدني لنفسه في العتاب:
لمّا وقفت على حقيقة أمركم … وعلمت أنّ الودّ فيك مضيّع
وجعلت جلّ وسائلي حبّي لكم … ورأيت أنّ وسائلي لا تنفع
أنشدت فيك معزّيا بل ساليا … وجميل صبري للشدائد يرفع:
«إنّي وهبتك للذّين تحبّهم … هبة الكرام فإنها لا ترجع!»
¬_________
(*) معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:116

الصفحة 107