كتاب أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن

كم بيضة للفطم قد كتبتها … وكم رقيت من نفاس صعب
فسهلت عسر النّفاس رقوتي … وبيضتي قد فطمت كل صبي!
وكان عند شهود فاس في وقته اصطلاح، يسمون الدرهم بالغزّي- بسكون اللام، وضم الغين المعجمة وكسر الزاء المعجمة-على جهة المداعبة فإذا [121/ب] لقي أحدهم صاحبه يقول له: هل جاءك اليوم الغزّي، أو: رأيته؟ وأنشدني في ذلك-لنفسه-:
أعرض الغزّيّ عني … هكذا ما كان ظنّي!
ما على الغزّيّ لوم … وكذا بلّغه عني
كلّ من تلقى معنّى … فإلى الغزّيّ يعني
يقرب الغزّيّ طورا … وبه طورا يغنّي
منشدا في كل وقت: … «يا حبيب القلب: صلني!»
وكان الفقيه العدل الخطيب أبو يحيى بن عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن أبي الصّبر الجاناتي يساق له كل يوم غداؤه لحانوته بسماط شهود فاس: إمّا كنثاء (¬1) وإما حريرة (¬2)، فقال له في ذلك:
اسقني شربة لذيذة طعم ... ليس فيها كرويّة وخميره
ولتكن بالفتات والبيض حسوا ... إن طعم الفتات أحسن سيره
¬_________
(¬1) لم يظهر إعجام الكلمة في «ط».
(¬2) الكنثاء: هكذا وردت وهي كما يظهر من السياق طعام فضله الشاعر على الحريرة. أما هذه فأشبه بالحساء، تصنع في بلاد المغرب-وكانت كما ترى من طعام أهل الأندلس- ولا زالت تصنع عند أهل المغرب الأقصى معالجة بالخميرة لتعطيها مذاقا خاصا طيبا.

الصفحة 434