كتاب أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن

وأما الاستطراد (¬1)
فهو كل كلام خرجت منه، وأخذت في غيره مما يناسبه ويلابسه، مع أنه دخيل فيما عقد له التصدير. ومنه: قال البحتري أنشدني أبو تمام يهجو عثمان بن إدريس الشامي (¬2)
وسابح هطل التّعداء هتّان … على الجراء أمين غير خوّان
أظمى الفصوص ولم تظمأ قوائمه … فخلّ عينيك في ظمآن ريّان
فلو تراه مشيحا والحصى فلق … تحت السنابك من مثنى ووحدان
حلفت إن لم تثبّت أن حافره … من صخر تدمر أو من وجه عثمان!
ثم قال: ما هذا الشعر؟ قلت: لا أدري؛ فقال هذا هو الاستطراد.
فقلت: فما معنى ذلك؟ [16/أ] قال: يريك وصف الفرس، وهو يريد هجاء عثمان. فأخذها البحتري فقال: (¬3)
يهوي كما تهوي العقاب وقد رأت … صيدا وينصبّ انصاب الأجدل
ما إن يعاف قذّى ولو أوردته … يوما خلائق حمدويه الأحول!
وقال بشار بن برد (¬4)
خليليّ من كعب أعينا أخاكما … على دهره إن الكريم معين
ولا تبخلا بخل ابن قزعة إنّه … مخافة أن يرجى نداه حزين (¬5)
إذا جئته في حاجة سدّ بابه … فلا تلقه إلا وأنت كمين!
¬_________
(¬1) تحرير التحبير:130
(¬2) ديوان أبي تمام 4:125
(¬3) ديوان البحتري 3:1741. وهما من قصيدة في مدح محمد بن علي بن عيسى القمي الكاتب. وفي أخبار أبي تمام أنه كانت بين الممدوح وبين حمدويه عداوة. وبين البيتين السالفين، في الديوان ثالث.
(¬4) ذكرهما المبرد في الكامل، وهما في ملحق ديوانه 4:211.
(¬5) بعد هذا البيت بيتان آخران قبل الخامس. (الثالث هنا).

الصفحة 63