كتاب الصداقة والصديق

لمن وشى به، وادعاؤه التحريف غير مقبول منه بلا بينة يأتي بها، لكان ذلك من أكبر فضائل الصمت، وأدع هذا وأقول:
كان سبب إنشاء هذه الرسالة في الصداقة والصديق أني ذكرت شيئاً منها لزيد بن رفاعة أبي الخير، فنماه إلى ابن سعدان الوزير أبي عبد الله سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة قبل تحمله أعباء الدولة، وتدبيره أمره الوزارة، حين كانت الأشغال خفيفة، والأحوال على إذلالها جارية، فقال لي ابن سعدان: قال لي زيد عنك كذا وكذا، قلت: قد كان ذاك، قال: فدون هذا الكلام، وصله بصلاته مما يصح عندك لمن تقدم، فإن حديث الصديق حلو، ووصف الصاحب المساعد مطرب، فجمعت ما في الرسالة، وشغل عن رد القول فيها، وأبطأت أنا عن تحريرها إلى أن كان من أمره ما كان.
فلما كان هذا الوقت وهو رجب سنة أربع مائة عثرت على المسودة وبيضتها على نحيلها، فإن راقتك فذاك الذي عزمت بنيتي، وحولي، واستخارتي، وإن تزحلقت عن ذلك فللعذر الذي سحبت ذيله، وأرسلت سيله.

الصفحة 35