كتاب الصداقة والصديق

شاعر:
إذا رأيت ازوراراً من أخي ثقة ... ضاقت علي برحب الأرض أوطاني
فإن صددت بوجهي كي أكافئه ... فالعين غضبي وقلبي غير غضبان
وقال العتبي:
وصاحب لي أبنيه ويهدمني ... لا يستوي هادم يوماً وبنآء
إذا رآني فعبد خاف معتبة ... وإن نأيت فثم الغمر والداء
بلغ الإسكندر الملك موت صديق له فقال: ما يحزنني موته أني لم أبلغ من بره ما كان أهله مني.
قال ابن أبي ليلى: لا أماري صديقي، فإما أن أكذبه، وإما أن أغضبه.
وكان بين القاضي أبي حامد المروروذي وبين ابن نصرويه العداوة الفاشية، والشحناء الظاهرة، فكان إذا جرى ذكر ابن نصرويه أنشد:
وأبي ظاهر العداوة إلا ... طغياناً، وقول ما لا يقال
وكان يقول: والله إني بباطنه في عداوته أوثق مني بظاهر صداقة غيره، وذاك لعقله الذي هو أقوى زاجر له عن مساءتي، إلا فيما يدخل في باب المنافسة، ولهذا استمر أمرنا أربعين سنة، من غير فحاشة ولا شناعة، ولقد دعيت إلى الصلح فأبيت فقلت: لا نحرك الساكن منا، فلقديم العداوة بالعقل، والحفاظ من الذمام والحرمة ما ليس لحديث الصداقة

الصفحة 59